ندوة وطنية ترفض “رهانات التكوين المهني” في كليات العلوم القانونية بالمغرب

مجتمع

[ad_1]

أجمع المشاركون في ندوة وطنية نظمتها شعبة القانون العام وفريق البحث في الأداء السياسي والدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، الثلاثاء، على أهمية أدوار كليات الحقوق في تخريج النخب ومد الدولة بالأطر والموارد البشرية القادرة على تنزيل المشاريع والبرامج التي تسعى لتنزيلها.

وناقش وزراء وأكاديميون في جلسات علمية موضوع “كليات الحقوق في المغرب، أفقا للتفكير”، حيث قال فريد الباشا، رئيس جامعة محمد الخامس بالنيابة، إن “من لم يشتغل أو يدرس بكليات الاستقطاب المفتوح ولم يتحمل المسؤولية فيها، مهما اشتغل وحاول، يصعب عليه لمس الإطار الذي تشتغل فيه هذه الكليات”.

وأضاف الباشا: “كنا وما زلنا نحس بأن هناك إهمالا للعلوم الإنسانية واهتماما أكبر بالعلوم الدقيقة، حتى جاء كوفيد وأصبحت العلوم الإنسانية مهمة ويتم الحديث عن الحقوق والاقتصاد والفلسفة وعلم الاجتماع”.

وأكد رئيس جامعة محمد الخامس أن زمن الحكومات “ليس هو زمن الجامعة”، موضحا أن الحكومة يمكن أن تتخذ “قرارا في دقائق، ولكن الجامعات تحتاج إلى الوقت للتشبع بالاقتراحات لتقبلها وتفهمها”.

وزاد الباشا منتقدا تنامي النقاش حول دور الجامعة والكليات في إدماج الشباب، قائلا: “نحن نعرف ذلك، ولكن هل سنصبح جامعات مهنية؟”، وأردف: “نتأسف لابتعاد الفلسفة والروح النقدية في المؤسسات، وهناك موجة ينبغي أن نحتاط منها، وإذا كان التكوين المهني في أزمة والتعليم الابتدائي والثانوي في أزمة، (فذلك) ليس من مسؤولية التعليم العالي”.

ودعا الباشا إلى التحلي بالجرأة في اتخاذ قرارات “شجاعة تزلزل الوقت الذي نشتغل فيه، ولكنها ضرورية، لأنه لا يمكن أن نضحي بالطلبة والأجيال ونحن نعرف أن النظام لا يسمح بالابتكار والتقدم والتميز”.

واعتبر المتحدث ذاته أن الاكتظاظ “إكراه قوي قتل التكوين المستمر وقتل الدروس التطبيقية وعملنا الأساسي في التدريس”، مشددا على أن 60 بالمائة من الوقت تقضيه الجامعات في “الامتحانات والتصحيح، كان لازما قبل هذا الوقت أن يكون نقاش تشاركي حقيقي، عميق وجدي وديمقراطي”.

من جهته، قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إن رهان إصلاح الجامعة المغربية وتطوير منظومة التعليم العالي وكليات الحقوق “لا يمكن أبدا أن يكون سببا لمحاصرة هذه المؤسسات العريقة، بل هو منطلق للتفكير في تحقيق رهان وطني كبير”.

وأضاف وهبي، في كلمة تليت نيابة عنه، أن وزارة العدل تسعى للانخراط في إصلاح الجامعة و”المساهمة البناءة في تطويرها من موقعها كقطاع حكومي يستقطب نسبة كبيرة من خريجي كليات الحقوق، سواء بصفتهم أطرا وموظفين في وزارة العدل أو في المهن القانونية والقضائية”.

وأكد الوزير “الرغبة الجماعية في تقوية دور الجامعة في تكوين الرأسمال البشري وتأهيله للولوج إلى سوق العمل، خاصة وأننا نعيش عصرا يتسم بالمستجدات المتلاحقة في مجالات المعرفة والتعليم وما يرافق ذلك من تطورات اجتماعية واقتصادية وبيئية”.

ودعا إلى استثمار التطور الحاصل في الذكاء الاصطناعي وتسخيره في تحسين عملية التعليم والتعلم، مشددا على أن المسؤولية والطموحات أكبر في توفير “تعليم متميز للجميع من أجل تحقيق التنمية المستدامة التي يبقى تطوير العنصر البشري في صلب أي إصلاح منشود”.

وأكد وهبي أن “الوزارة تعمل على تطوير التشريعات من أجل تعزيز سيادة القانون بما يخدم أهداف التنمية المستدامة للدولة، الذي هو رهين بالاعتماد على الموارد البشرية الكفؤة، وضمان أعلى مستويات الجاهزية للمستقبل”.

كما أبرز ضرورة ربط الجامعة بـ”حاجة المجتمع القانوني إلى اختصاصات تخدم مستقبل بلدنا في مجال الأعمال والاستثمار والمهن القضائية وعلوم الإجرام وعلوم المالية”، مطالبا بضرورة استثمار فرص “النمو الكبيرة المتوقعة لهذه القطاعات في الأفق المنظور”.

من جانبه، اعتبر الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أن تاريخ الجامعة المغربية الحديث خضع لمسار ساهمت في تشكله “عدة قطائع”، من أهمها ما حدث على المستوى الأكاديمي من خلال جودة الأبحاث والتأطير، إذ ساهم في تخرج كم هائل من الطلبة “دون أن تتبعه إجراءات تساهم في المحافظة عليه وتطوير جودة التكوين والبحث”.

وأضاف المالكي، في كلمة تليت نيابة عنه في الندوة، أن الجامعة شكلت إلى حد كبير “فضاء حرا، وعرفت هامشا واسعا في ممارسة دورها في الفكر النقدي الإصلاحي”.

وتابع رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين مخاطبا الحضور: “كنت شاهدا على أن خصوصية التحديث السياسي في المغرب ساهمت في إنتاجات معرفية رصينة وما زالت حاضرة إلى اليوم”، معتبرا أن هذا الإنتاج كان في جزء كبير منه يسائل “الخيارات السياسية والاقتصادية للدولة، وكانت هذه الأطروحات تصل إلى الرأي العام عن طريق الجرائد والمجلات، ولا تبقى حبيسة الجامعة”.

وشدد المالكي على أن الجامعة كانت “فاعلة ومواكبة للتحولات الجذرية التي تمس البنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية”، مستدركا بأن التغيير العميق الذي مس ديموغرافية المجتمع المغربي وأثره على الجامعات في سياق امتداد ثورة العلوم والتقنيات، “كان له أثر بالغ على دورها في التأطير والتكوين والبحث بنفس المعايير التي كانت سائدة في السابق”.

وأجمعت مداخلات أخرى في الندوة على أهمية إعادة الاعتبار لكليات الحقوق واحتفاظها بأدوارها الأساسية في التكوين وتخريج النخب، وأخذ مسافة من الإكراهات والخطابات التي تتحدث عن ضرورة ربطها بسوق الشغل ومتطلباته.

[ad_2]