[ad_1]
“محطة كبيرة مفيهاش تيكي”؛ بنبرات “غاضبة” علق إدريس (خمسيني) الراغب في الذهاب إلى طاطا، غير أن نفاد التذاكر بمحطة الرباط الطرقية الجديدة أرجأ رغبته إلى يوم غد كما هو الحال لدى العديد من المواطنين الذين عاشوا وسط حالة من “الفوضى” و”الترقب” بالمحطة قبل ساعات من عيد الأضحى.
وعلى الرغم من تأكيد محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك، وجود مراقبة للأسعار في فترة العيد من قبل لجان خاصة، إلا أن المسافرين عبر المحطة الطرقية الجديدة بالرباط عبروا عن امتعاضهم من “وجود ارتفاعات مستمرة خلال الأيام القليلة”، إذ أكدوا لانزي بريس أن “أسعار التذاكر ترتفع باستمرار”.
الطريق إلى طاطا
تبدو شبابيك التذاكر وسط تجمع كبير من أجسام المواطنين في حالة اختناق شديد، رصدت انزي بريس وسطها إدريس بردائه التقليدي “ممتعضا” من عدم توفر تذكرة سفر إلى مدينته الأم طاطا، بهدف قضاء فترة عيد الأضحى مع أبنائه، إذ قال والعرق يسيل في جسمه من شدة الاكتظاظ والحر: “في المحطة القديمة للقامرة كان الأمر يسيرا، أما بالمحطة الحالية فالأمر غريب، والتنظيم أصبح سيئا جدا خلال فترة العيد”.
“الشكل جميل للمحطة، كما أن المنشأة حديثة، والمرافق جميلة، لكن تنظيم التذاكر عشوائي وغريب”، يضيف ادريس بلهث شديد وهو يحاول جاهدا الوصول إلى شباك التذاكر من أجل الاستفسار عن جديد الذهاب إلى طاطا، غير أن محاولاته باءت بالفشل، إذ تكدست رؤوس العشرات أمامه تطالب هي الأخرى بوسيلة نقل إلى ديارها، قبل أن يأتيه بعد انتظار رد مسؤولة التذاكر بعدم وجود تذكرة اليوم كـ”رصاصة الرحمة”، ليغادر بعدها بتثاقل و”خيبة كبيرة”.
فور الخروج من فوهة “الصراخ” التي تتخللها كلمات متكررة من قبيل “وسربيونا”، “فين تيكي”، “طلقونا”، من حناجر العشرات، يرقد محمد (23 سنة) على جدار سميك إلى جانب أكوام متراصة من المسافرين ممن استسلموا للأمر، بعدما وجد أخيرا تذكرة إلى ورزازات بثمن يصل إلى 260 درهما، وهو السعر الذي يزيد عن الثمن الأصلي بما يقارب النصف، إذ قال: “عرجت على المحطة طيلة 3 أيام متواصلة، فشلت فيها بدقائقها كاملة في إيجاد تذكرة”.
وأضاف محمد لانزي بريس وهو يقلب تذكرته بدون اهتمام: “الثمن الذي دفعته يعيد إلى ذهني فترة كورونا، التي كانت فيها أسعار التذاكر عالية، غير أن الفترة الحالية لا تعرف الوضعية الصحية نفسها”، مستغربا “أسباب هذا الارتفاع الجديد”.
غير أن قضاء فترة العيد مع العائلة، بحسبه، “يستحق، ولو كانت الأسعار بالملايين، فرؤية الوالدين في هذا الشهر الفضيل أهم من أي شيء”.
عراك
حالة “الفوضى” وصلت إلى مستويات خطيرة، بحسب ما عاينته انزي بريس، إذ تطورت مطالبات المواطنين بحل مشكلة التذاكر إلى “عراك بالأيدي بين مسؤولي أمن المحطة وأحد المواطنين”، يدعى يوسف، (30 سنة)، إذ قال: “تعرضت للضرب من قبل حراس المحطة فقط لأنني طالبت بتذكرة”.
يوسف الذي امتزج كلامه بدموع غزيرة، أورد أن المسؤولين الأمنيين بالمحطة قادوه إلى مركزهم قبل أن ينكلوا به، الأمر الذي جعل حشدا من المسافرين يحوم حولهم، مستنكرين الوضع، قبل تدخل مدير المحطة بشكل شخصي لفض النزاع، ومطالبته إياهم بتنظيم الصفوف من أجل الحصول على التذاكر.
مسؤول أمني بالمحطة صرح لانزي بريس بأن “المسافر الذي تعرض للحادث افتعل الكثير من المشاكل في شبابيك التذاكر، محدثا بذلك فوضى كبيرة وصلت إلى حد التخريب، الأمر الذي استدعى تدخلا أمنيا لحراس المحطة”، نافيا بذلك “أي محاولة للاعتداء عليه”.
الأسعار مرتفعة والجودة سيئة
تبدو سماء المحطة الجديدة زرقاء هادئة، يقطع نسيمها الجميل “صراخ المواطنين المستمر”، مطالبين بتوفير التذاكر، من بينهم أحمد، (عشريني) يحلم بقضاء عيد الأضحى مع عائلته، إذ صرح وحنجرته لم تهدأ بعد من الصراخ بأن “أحد مسؤولي شبابيك التذاكر كذب عليّ بخصوص عدم توفر تذكرة للسفر إلى مراكش، قبل أن أسأل شباكا آخر أكد لي وجودها، لكنني تفاجأت بثمن مرتفع عما سمعته يوم أمس”.
وتابع أحمد وهو يحمل أمتعته الثقيلة بكثير من الارتباك: “محطة ولاد زيان التي تعرف مرافقها ترديا كبيرا، يتم فيها الحصول على تذكرة للسفر بكثير من السهولة، ولولا ضعف الإمكانيات لتنقلت إليها، أفضل من عيش التجربة المريبة هنا”.
لساعات طويلة استمر “الاحتقان” إلى حين تدخل الإدارة التي طالبت باستحضار الصبر، وتنظيم الصفوف للحصول على التذاكر، وهي المهمة التي “نجحت بصعوبة بعد كثير من الجهد والتواصل”، خلصت في الأخير إلى “انفراج نسبي”، في وقت غادرت أقدام العشرات المحطة حاملة “شعور الخيبة والحزن، والخوف من ضياع فرحة العيد مع العائلة”.
النفي
وفي محاولة للاستفسار عن أسباب الارتفاع في أسعار التذاكر، صرح مصدر مسؤول بالمحطة لانزي بريس بأن “التذاكر لم ترتفع بتاتا، وبقيت في مستوياتها المعهودة في فترات الأعياد، إذ يسمح وفق القانون، برفعها بنسبة 20 بالمائة في حالة بعد المسافة”.
وعن عدم توفر التذاكر، قال إن “الطلب كبير للغاية اليوم الثلاثاء، مما يصعب إيجاد الحافلات بشكل كاف. وعلى الرغم من نقص الأخيرة، يتم توفيرها في ساعات منتظمة”، مضيفا أن “العديد من المواطنين قدموا من الدار البيضاء قصد شراء التذاكر هنا لأنها مرتفعة بشكل كبير في محطة أولاد زيان”.
لا تنتهي الأمور عند التذاكر، فحتى بعد الحصول عليها، تقف “عقبة جديدة” أمام المسافر بمحطة الرباط الجديدة، تتمثل في صعوبة إيجاد الحافلة، وغياب تحديد واضح لمقاعد الجلوس، ما يسفر عن مواجهات بين المسافرين، وهو ما عاينته انزي بريس في إحدى “الحافلات المهترئة” المتوجهة إلى الصويرة، التي تبدو مقاعدها شبيهة بتلك الموجودة في “عربة عسكرية”.
هاته المقاعد شهدت صراعا “داميا” بين إبراهيم، (ثلاثيني) وعبد الله (عشريني)، إذ صرح كلاهما بأحقيته بـ”المقعد العسكري”، قبل أن يتفقا في الأخير على تنازل عبد الله، الذي بدا “حانقا” حيال الأمر، قائلا: “دفعت ثمنا باهضا من أجل هاته الدبابة، التي لم أجد فيها في الأصل مقعدا مناسبا”.
وتابع عبد الله بكثير من السخط بأن “الأوضاع هنا سيئة، لكن المشكلة لا تقف عند مسؤولي المحطة فقط، بل المسافرين أيضا، الذين يرفضون التنظيم والصبر، ويتقاطرون بشكل كبير على شابيك التذاكر وكأنه يوم القيامة”.
حافلات لنقل السياح
سلسلة “الهيستيريا” و”الفوضى” التي عرفتها المحطة قبل ساعات من عيد الأضحى، كان “مسك” ختامها فشل مسافرين في الحصول على حافلة نقل إلى زاكورة، ما استدعى أن تستقدم إدارة المحطة حافلات مخصصة لنقل السياح.
هذا الأمر أثار سخط بعض المسافرين الذين لمسوا “تأخرا كبيرا” في موعد رحلتهم، وإجبارهم على الانتظار لوقت إضافي، وتعويض وسيلة نقلهم بأخرى دون سابق إنذار.
يجلس الخمسيني إدريس “متهالك القوى” في مخرج المحطة، فأماني حياته لم تتحقق معظمها، لتنضاف “تذكرة طاطا” إلى قائمة الخيبات، غير أن نبراته “المتحدية” وسط كومة الأحزان، والهموم، خرجت أخيرا بعد صمت مطبق لتقول “سأذهب إلى طاطا ولو على الأقدام” ليفتح موعدا جديدا مع “معركة التذاكر” بمحطة الرباط الطرقية الجديدة.
[ad_2]