[ad_1]
من “ناس الغيوان” إلى “البيتلز”، ومن فيروز إلى “إي سي دي سي”، مرورا بالإخوة ميكري وأم كلثوم وفَضول وبوب ديلان وجاك بريل، وغيرهِم من الفرق والمغنّين، كانت العاصمة على موعد مع الموسيقى العالمية المنحوتَة في أسطوانات “الفينيل”.
بسينما “النهضة” بالرباط عاد التقويمُ إلى ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وسُلّط الضوء على ميراث “الثقافة الشعبية” للألفية الثالثة بأعين شبابية في “سوق الأسطوانات”، الموعِد السنوي المحتفي أساسا بعرض “الفينيل” واقتنائه، مع ما يرافقه من “ثقافة البوب”، ملصقاتٍ وكتبا مصورة وأكسسوارات تستمد رمزيتها من “رموز” الأفلام، و”المانغا”، والمسلسلات الشبابية، والموسيقى المصوّرة، والشعر أيضا.
وكما حضر تاريخ منتصف القرن العشرين ومطلعِ تاليهِ، حضر تاريخ يفوق القرن مع جرائد من قبيل “لو بوتي جورنال”، وتوثيقه، المكتوب والمرسوم، لبداية الاحتلال الفرنسي للمغرب والجزائر.
ولم تلبّ الأسطوانات وحدها موعدَ تجديد الصلة مع المستمعِ، بل حضرت أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة أيضا، كما حضرت الموسيقى المدمجة المستندة على “الفينيل” لا على الملفّات الرقمية.
هذه الدورة الثالثة التي امتدت يوما كاملا، توالت على صناديقِ عارضيها أصابع مكتشفة من أجيال متعددة تتراوح بين سنوات الشباب الأولى والكهولة، وحضرت فيها أنواع موسيقية مغربية بمختلف تلاوينها، ومشرقية خاصة من كلاسيكيات حقبتها الذهبية، وغربية، أمريكية على الخصوص، مع حضور للأغنيتين الفرنسية والبريطانية، وأنغام دول أوروبية أخرى.
وبين أروقة الموعد كان من المستكشفين جوك المالح، المغنّي المغربي الذي وجدت موسيقاه مستقرّها في “أشرطة فينيل” إبّان حقبة رواجها بالقرن الماضي، ثم وجد نفسه، مرة أخرى، في هذا العالَم مع حياتها الثانية، العالمية والمغربية أيضا.
جوك ابن الملّاحِ القاطنُ بالدار البيضاء، الذي من المرتقب أن تناقش أطروحة حوله بجامعة كامبريدج البريطانية شتنبر المقبل بعد أطاريح سابقة خاصة بفرنسا، كان ضيف هذه السنة، وعرّف الجمهور بـ”الدقة الجاز”، وبدايات وعيه الموسيقي، وخلاصاته حول الإيقاعات، وتاريخ الإنتاج الموسيقي، ومعتقداته في الحياة أيضا: “يهودي، ومسلم، ومسيحي، أؤمن بالأنبياء موسى ومحمد وعيسى، ثقافيا”.
هذه الرحلة في تاريخ الإنصات إلى الإيقاع والنّغمة والكلمة المغنّاة، صدى لحياة جديدة عرفتها “متاجر الفينيل” في أنحاء العالم، وتوثّقها وثائقيات وتحليلات مرقونة، كما تشهد عليها مصانع إنتاج للأسطوانات استأنفت “الضَّغطَ” من جديد.
أمين حامة، مسؤول المشاريع الثقافية في مؤسسة “هبة” المنظّمة للموعد، قال إن هذه المبادرة تروم “جمع عشّاق الأسطوانات، فهناك حركة منذ بداية الألفينيات بعدما نظّمت “استوديوهات مستقلّة” سنة 2008 “يوم متاجر الأسطوانات”، وهو ما وصل أوروبا سنتي 2009 و2010”.
وأضاف في تصريح لانزي بريس “جاء هذا بعد أزمة الموسيقى مطلع الألفية الحالية، عقب هجوم الملفات الرقمية المسجلة (MP3) على الصناعة الموسيقية وسوقها، فكانت ردّة الفعل هذه، هذه المبادرة التي كان لها صدى، وعاد “الفينيل”. وفي 2021 بمناسبة “يوم متاجر الأسطوانات”، الموافق لـ 22 أبريل، نظمنا اليومَ في الوقت الذي كانت قاعات السينما لا تزال مغلقة في زمن فيروس “الكوفيد”، وكان علينا الإبداع للخروج من الأزمة، مع الاحتياط واحترام ضوابط عدد الحاضرين، فكانت دورة تجريبية، دون أن يكون لنا يقين حول وجود العشّاق من عدمه”.
وهكذا، يتابع حامة، “لقي اليوم نجاحا كبيرا، وجاء عشاق كثيرون، واكتشفنا وجود طلب، وهذا ما دفعنا اليوم إلى إعادة السنة الماضية 2022 رغم تزامن الموعد مع عدد من المهرجانات بمدن أخرى، وكان الإقبال”.
وفي السبت الجاري، يضيف مسؤول المشاريع الثقافية، “بعدما ركزنا سابقا على الرباط والدار البيضاء، جاء هذه السنة عارضون من مختلف نواحي المغرب، من بينها أكادير وتطوان، مع حضور معروضات معدة باليد”.
وحول فئات زوّار الموعد، قال حامة: “هناك جانب النوستالجيا، ويأتي عشاقه مبكرا حقيقة، مع البداية في الساعة التاسعة، وهناك فئة كانت تمتلك أسطوانات في وقت من الأوقات وتأتي لتعرض “الغيوان” والأطرش والنّغمَ الغربيّ و”الفانك” وموسيقى السبعينيات، فليس هناك عارضون كثيرون بالبلاد، وهناك من لا يعرف أين يمكن أن يجد “الفينيل”، وهذه مناسبة لاكتشاف العارضين من مختلف المدن”.
وعن العرض والطلب الموسيقيّين، سجل حامة “وجود كل شيء تقريبا”، فـ”من الموسيقى المغربية التقليدية حتى الشرقي، وصولا إلى “الهيفي ميتال”. وتقبل على المعروضات فئات متعددة؛ من كانوا يسمعونها في السبعينيات، وشباب نلاحظ اهتمامهم واقتناءَهم، علما أنه في المغرب لا توجد عندنا الأسطوانات الجديدة إلا لِماما، ولا توجد علاماتٌ، ولا من سيَستَورِد، مثل أوروبا وأمريكا؛ فبالتالي ما يتوفّر هو ما يُستهلَك، ونحاول بناء على التجربة التي نبنيها أن نعرف ما يكون عليه الإقبال أكثر، ونقترح على العارضين ما يهمّ الزوّار”.
ومع تشبّث المؤسسة المنظِّمة بالموعد السنوي لـ”سوق الأسطوانات” بالرباط، فرصة ليلتقي الولعون بالأسطوانات، سبيلا للإنصات إلى الموسيقى، مع ما يرافقها من تعبيرات في اللباس والمقروءات والمعروضات، اختتم حامة تصريحه لانزي بريس بالقول: “نلاحظ تطوّرا في العارضين والحاضرين، وسنزيد تطوير الموعد مستقبلا إذا كان هناك داعم”.
[ad_2]