[ad_1]
تذكرٌ لعطاء عميد الأدب الأندلسي في المغرب يحضر في كتاب جماعي جديد تحضر فيه دراسات وشهادات من مختلف الجامعات المغربية وجامعات مصر والعراق والسعودية والجزائر وفرنسا، صدر بعنوان “العلامة محمد بنشريفة في خدمة الجامعة المغربية”.
ويهتم الكتاب الجماعي، الذي تناهز صفحاته 600 والذي نسقه وأعده كل من مولاي البشير الكعبة وموراد موهوب وعبد الإله تزوت وفيصل الشرايبي وعبد الهادي الدحاني ونزهة بوعياد وفاطمة الزهراء التوزاني وفاطمة يحياوي وفتيحة بلعباس وأسماء كويحي، بخدمة الراحل بنشريفة للجامعة المغربية في مجال الدراسات الأدبية والإنسانية وبناء تراجم الأعلام المغربية الأندلسية المنسية وإنقاذ المخطوطات المغربية الأندلسية وصيانتها وتحقيقها.
وذكرت كلمة رئاسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن محمدا بنشريفة “من ألمع المحققين المغاربة”، و”شيخ المحققين؛ لأنه ظل يحقق التراث الأندلسي والمغربي إلى أخريات حياته، وهو بذلك يعرف العالم بتراث وعلماء الغرب الإسلامي، ويسهم في رسم معالم الهوية الثقافية بالمغرب والأندلس بتأليف العديد من الكتب وتحقيق العديد من المصادر والتعريف بالعديد من الأعلام، فكان رحمه الله نموذجا للعبقرية المغربية في العلوم الإنسانية”.
وكما “ألف هذا العبقري الكتب”، فقد كوّن “الرجال والنساء في الفكر والأدب والنقد والتاريخ؛ ذلك أنه اتخذ من التعريف برجال الفكر والفقه والعلم والأدب وسيلة لترسيخ هوية الغرب الإسلامي، وحضور المغرب ومشاركته في بناء الحضارة الإسلامية بشكل فعال”.
وسجلت كلمة عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق بالدار البيضاء أن الفقيد بنشريفة “أحد قامات الجامعة المغربية والعربية، ورائد من رواد الثقافة والأدب العربيين، وعلم من أعلامها البارزين”؛ فهو “الأستاذ الجامعي، والمحقق الرائد لكنوز التراث المغربي والأندلسي، ومؤسس كرسي الدراسات الأندلسية بالجامعة المغربية، والمفكر، والمثقف، والإنسان”.
أما مختبر الثقافة والعلوم والآداب العربية بالجامعة فقال إن بنشريفة “شيخ الدراسات الأندلسية في الغرب الإسلامي وفي العالم العربي، أستاذ الأجيال (…) أحد علماء المغرب الحديث في مجال التحقيق والدراسات الأدبية والتاريخية في الغرب الإسلامي، وكسائر العلماء الذين تفخر بهم مجتمعاتهم، شكل رافدا من روافد التقدم والتطور والرقي في المغرب وفي العالم العربي”؛ فانخراطه في “تحقيق المخطوط الأندلسي وتآليفه في الأدب والفكر والأعلام في الأندلس، بوأه مرتبة عليا في الدراسات الأندلسية مشرقا ومغربا”.
بدوره، ذكر الباحث العراقي علي القاسمي أن العلامة بنشريفة قد كان “باحثا ومحققا وناقدا أدبيا كبيرا، أوقف حياته وعلمه وماله على بعث الأدب الأندلسي، وهو صاحب منهجية علمية دقيقة شاملة ابتكرها بنفسه وميزته عن فرسان هذا الميدان المبرزين من معاصريه (…) ولعله كان يجاهد في ذلك الميدان بدافع من الوطنية المغربية، لاعتباره الأدب الأندلسي جزءا من التراث المغربي”.
وسجل المؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش أنه “عندما يثار سؤال إسهامات الأستاذ المرحوم محمد بنشريفة في تطوير البحث الجامعي، تحضر إنتاجاته الغزيرة، وتحقيقاته المنيفة التي قدمت للمؤرخين نصوصا ومتونا في غاية الأهمية، لما تلقيه من أشعة لامعة حول تاريخ المهمشين والمنسيين الذين أقصتهم الحوليات التاريخية القديمة من دائرة اهتماماتها”.
وتابع: “لقد أمضى الراحل بن شريفة ردحا طويلا من الزمن محققا للنصوص الدفينة المستقاة من كتب النوازل والطبقات والتراجم والأمثال الشعبية، وما في نظيرها من المصادر التي أصبحت اليوم مصادر بديلة، يوظفها المؤرخ في قراءة تاريخ المجتمعات، ويكتشف من خلالها أوضاع الفئات المغيبة في التاريخ؛ وهو ما أسهم في إعداد جيل من الباحثين الجامعيين المتشبعين بمدرسة التاريخ الجديد”.
من جهته، تذكر حسن الشافعي، الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، “الأستاذ الكبير، والعالم الخبير، والشريف النبيل، والمجمعي الجليل، الدكتور محمد بنشريفة” الذي عرفه “معرفة شخصية حميمة، بعد معرفته العامة كجامعي كبير، ومحقق نِحرير، ومثقف شهير”.
أما مصطفى الزباخ، مقرر أكاديمية المملكة المغربية، فقال إن الفقيد “من المفكرين الموسوعيين الذين دعاهم عهد الانتقال الحضاري لوطننا وأمتنا إلى أن يضعوا لافتات مضيئة على طريق مختلف مجالات التطور المختلفة، فجاء بذلك حاملا هم التراث الذي هجره أهله وشكك في حداثته أعداؤه، ورائدا من رواد التحقيق (…) ومشيدا لمدرسة مغربية عنيت بالدراسات الأندلسية”؛ فقد كان “عميدا للدراسات الأندلسية في المغرب موازاة لعميد الدراسات المغربية الدكتور عباس الجراري (…) وهو من بناة الوعي الأندلسي لدى جيل تتلمذ عليه مباشرة في الجامعة المغربية، أو ارتوى من مشاربه خارجه الجامعة”.
وبعدما عدّد عددا من الأسماء الأكاديمية، على رأسها الفقيد بنشريفة، قال الزباخ: “لقد علمونا أن التراث الأندلسي عطاء حضاري اشتركت في بنائه عبقريات مختلفة أهلته ليكون رمزا مضيئا للتسامح والحوار، وأنه رافد غني من روافدنا الثقافية وهويتنا الحضارية، وعلمونا الغوص في محيطه لتجلية الخصوصية المغربية فيه، وأن لا نقف أمام فردوسه الضائع باكين بل واعين ومتعظين، وعلمونا أيضا أن لا نقف في البحث عن الموريسكيين عند حدود المدن غافلين ما احتضنته القرى والبوادي المغربية من أسر ما زالت تحتفظ بأسمائها الأندلسية، وعلما هؤلاء مع هذا كيف نبقى واقفين، متحررين في الدرس الأندلسي دون أن نرى كل القضايا والمشكلات بعيونهم”.
[ad_2]