توصية “الوسيط” بشأن امتحان المحاماة.. خطوة دستورية أم تجاوز للصلاحيات؟

مجتمع

[ad_1]

يتواصل الجدل القائم بخصوص تفاعل الحكومة الإيجابي مع توصية مؤسسة وسيط المملكة حول امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، بعدما تلقى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، تقريرا مفصلا منها تضمّن مقترحات وتوصيات شكلت خلاصة الوساطة التي باشرتها في الموضوع.

ومما أثاره البعض بخصوص قرار الوسيط مدى دستورية التوصيات التي أعلنها في تقريره الموجه إلى الحكومة، وهو الموقف الذي دفع زعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، إلى مهاجمته واعتباره تجاوز صلاحياته.

ويدفع أصحاب هذا الرأي بأن مؤسسة وسيط المملكة لا يحق لها التدخل وإبداء الرأي في قضية معروضة أمام القضاء، وهو الأمر الذي لا يستند إلى أساس متين بحسب مؤيدي التدخل، إذ اعتبروا أن القضاء دفع بعدم الاختصاص في النظر في الطعون التي وجهت إليه من طرف الراسبين في الامتحان.

خطوة دستورية

بخصوص دستورية الخطوة التي أعلنتها مؤسسة وسيط المملكة، أكد محمد يحيا، أستاذ القانون الدستوري والإداري بكلية الحقوق بطنجة، أن الأمر يتعلق برأي مؤسسة دستورية تستشار في القضايا التي “لا يجب أن تكون معروضة على المحاكم”، وزاد: “القضاء ربما اعتبر نفسه غير مختص”.

وأضاف يحيا، في حديث مع انزي بريس حول الموضوع، أن مبادرة وسيط المملكة تدخل في إطار “المهام الدستورية الموكولة إليه، وإعطاء رأي عام غير ملزم بالنسبة للجهة التي وجه إليها ذلك الرأي، في أفق الخروج من حالة احتقان عامة مثل التي خلفتها مباراة المحاماة”.

كما أشار يحيا إلى أن الموضوع “أثار خلافات كبيرة، إذ كان لهيئة المحامين موقف، ووزارة العدل موقف، وكذلك كان للطلبة تصور، والرأي العام بدوره يملك تصورا”، مردفا: “إذن رأي مؤسسة الوسيط جاء متناغما مع الدستور وفي إطار المرجعية الدستورية ووجه إلى رئيس الحكومة ووزير العدل، وأعطى الحل للخروج من الأزمة الموجودة”.

وأفاد المتحدث ذاته بأنه “من الطبيعي ألا يقبل الجميع هذا الرأي، ويعتبره البعض تجاوزا للاختصاص، وأنه يمثل سابقة لم تحدث من قبل، لكن النتيجة في النهاية هي الأهم، وهي الخروج بحلول، وهذا حل من بين الحلول التي يمكن استثمارها من أجل الخروج من الأزمة”.

نقاشات “تافهة”

دعا أستاذ القانون الدستوري إلى عدم الدخول في مناقشات “تافهة” حتى لا يؤثر هذا الأمر، “لأننا اقتربنا من المدة الزمنية التي سيكون فيها امتحان جديد للمحاماة السنة المقبلة”، مجددا التأكيد أن رأي الوسيط “حل يمكن اعتباره استدراكا منصفا للجميع، ويمكن استثماره في أفق إيجاد حلول مرضية للجميع”.

وبخصوص الانتقادات التي وجهت إلى المؤسسة الدستورية، اعتبر يحيا أنها عادية “لأن هناك أغلبية ومعارضة، والكل يبحث عن التموقع”، وتابع: “نحن نعلم أن منسوب الثقة في الأحزاب السياسية شبه منعدم وفق تقرير النموذج التنموي. ويبقى هذا توجه معين يجب استثماره ومخرج من المخارج لإيجاد حل للمشكلة”.

وحث المتحدث ذاته على ضرورة استثمار توصيات مؤسسة وسيط المملكة، و”التوجه إلى الأمام، فلا نبقى جامدين ونناقش بشكل سلبي”، خاتما: “لأنه ينبغي التفكير في البناء وليس الهدم، ونستفيد من التجربة في أفق تفادي تكرار الخطأ إن كان هناك خطأ في المستقبل، حتى نضمن الاستمرارية ونحافظ على نزاهة ومصداقية المؤسسات، وهذا هو المهم بالنسبة لي شخصيا”.

اعتراف بوجود خلل!

من جهته، يرى خالد الشيات، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن اللجوء إلى مؤسسة الوسيط يبقى “قانونيا طبقا لما ينظم هذه المؤسسة ومجالات تدخلها واختصاصاتها”، موردا أن اللجوء إليها “جاء لتلطيف الأجواء في هذه الحالة”.

واعتبر الشيات، في تصريح لجريدة انزي بريس الإلكترونية، أن “اللجوء الدائم إلى هذه المؤسسات هو لجوء يضمن الشفافية والديمقراطية، فتصبح لها دور على مستوى المتابعة السياسية بدل النزعة الإدارية”، وزاد: “لا أعتقد أن هذا تدخل خارج النسق القانوني والسياسي”.

وسجل المتحدث ذاته أن المخرجات التي جاءت بها مؤسسة وسيط المملكة تبقى “طبيعية في ما يتعلق بالمباراة الخاصة بالمحاماة، وما ليس لها الحق فيه هو التدخل في الصيغة الإدارية التدبيرية لتنزيل مقرراتها وتصوراتها لإصلاح حالة فيها نزاع معين”، مشددا على أن وسيط المملكة “عليه أن يعطي المبادئ التوجيهية العامة ولا يتدخل في الجانب التدبيري، لأن هذا الأمر يدخل في اختصاصات السلطة التنفيذية، أي الحكومة، التي ترى الأسلوب المناسب في كل الحالات”.

كما اعتبر الشيات أن “رأي المؤسسة يمثل بشكل أو بآخر دعوة لإعادة هذه المباراة، وقبول الحكومة بذلك اعتراف ضمني بوجود خلل على مستوى المباراة السابقة، وهذا هو الأخف ضررا، إذ يجد كل طرف في الموضوع مكانا مناسبا له”، في إشارة إلى أن الأمر وجدت فيه الحكومة ضالتها للخروج من الأزمة التي أشعلتها نتائج مباراة المحاماة التي لاقت احتجاجات واسعة من قبل الطلبة الراسبين.

[ad_2]