[ad_1]
أثارت واقعة الاعتداء على شاب أمام مدخل إحدى الإقامات السكنية بالعاصمة الرباط موجة من الردود الغاضبة والانتقادات، بسبب العنف الذي تعرض له نتيجة الشكوك التي حامت حوله بعد استضافته شابة لا تعرف طبيعة العلاقة التي تربطه بها.
وأعادت الواقعة إلى ساحة النقاش العمومي موضوع الحقوق والحريات والوصاية التي يمارسها عليها أفراد المجتمع بشكل يتعارض مع القانون، ويفتح الباب مشرعا أمام الاحتكام إلى قضاء الشارع أو ما بات يعرف بـ”شرع اليد”.
وأظهر فيديو تناقله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع الشاب وهو يتعرض للضرب من طرف ثلاثة أشخاص، فيما وثقت مرافقته الحدث عبر تصويره، الأمر الذي دفع السلطات الأمنية إلى التفاعل مع الواقعة وفتح بحث لكشف ملابسات الاعتداء.
مس بالحياة الخاصة
الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، المنسق السابق للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، اعتبر في حديث مع جريدة انزي بريس الإلكترونية أن الواقعة تشكل “مسا خطيرا بالحياة الخاصة للمواطنات والمواطنين”، داعيا الدولة إلى التدخل والضرب بقوة على أيدي المتورطين في النازلة حتى لا تتكرر.
وأفاد بوغنبور بأنه “لا يمكن لحارس العمارة أو السكان أو أي شخص آخر أن يتدخلوا في هذه الحالة إلا إذا أحدث الشخص المعني فوضى أو سلوكا يقلق راحة سكان الإقامة”، مؤكدا أن الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو “حلوا محل القوات العمومية، بل قاموا بإنفاذ القانون بأيديهم، في حين لا يدرون طبيعة العلاقة التي تربط الشابين”.
وزاد الحقوقي ذاته موضحا: “أعتقد أن هذا السلوك غير قانوني، وربما بدأنا نعود إلى زمن الفوضى وقضاء الشارع، ما يمكن أن يؤدي إلى خلق ميليشيات داخل الإقامات السكنية تقوم مقام الأمن. وأعتقد أن هذا فعل خطير وعلى الدولة أن تتدخل لتحمي خصوصية المواطنين، وتقوم بإنفاذ القانون وتمنع هؤلاء المتورطين من تجاوز حدودهم”.
معاقبة المتورطين
أشار بوغنبور إلى أن ما وقع “ظاهرة جديدة ومخالفة للقانون، على اعتبار أنه لا يسمح بالاعتداء على المواطنين، وحتى في حالة حدوث تعسف ما من قبل هذا المواطن الذي يكتري المحل، كان على الحارس أو السكان اللجوء إلى قوات الأمن وإخبارها من أجل الحضور لتكييف ما وقع واتخاذ الإجراءات اللازمة”، مشددا على أنه “لا يحق لأي كان أن يمنع زيارة ضيف إلى منزلك، إلا إذا أحدث فوضى أو أخل بالأخلاقيات العامة، آنذاك يمكن اللجوء إلى الأمن ليقوم بواجبه وليس الاعتداء على المواطنين”، في رفض واضح منه لهذا النوع من الممارسات.
ومن وجهة نظر علم الاجتماع، رأى السوسيولوجي أحمد شراك أن مثل هذه الأحداث التي تتكرر في المغرب بين الفينة والأخرى تبين أن “المنطق التقليدي في المغرب مازال يطغى أحيانا، ويطفو إلى السطح من خلال هكذا ممارسات، محاربة للمنكر من زاوية دينية بطريقة مباشرة عن طريق ما يحضر في مخيال المجتمع بأن هذا الشخص زان أو خارج عن الطريق، ويخدش القواعد ويخرج عن منطق الجماعة، ومن ثم وجبت معاقبته”.
منطق تقليداني
سجل شراك في تصريح لجريدة انزي بريس الإلكترونية أن المنطق التقليداني يكون “مشبعا بتمثلات معينة، وهو منطق مرفوض، لأن هناك قوانين جار بها العمل وكفيلة بمعاقبة من يستحق العقاب، وليس بناء على شبهة أو ظن”.
وزاد السوسيولوجي ذاته موضحا: “لا نعرف طبيعة علاقة الشابين، هل هي صداقة أم أخوة أم جيرة، وإسقاط الرأي العامي مادام يلج أحدهما منزل الآخر إلا وبينهما علاقة جنس وخيانة خارج نطاق الشرعية الاجتماعية والدينية”، معبرا عن أن هذه الأحداث ستبقى حاضرة في المغرب.
ودعا شراك إلى العمل على توعية الناس أكثر والقيام بحملات تحسيسية، لأن هكذا ممارسات “لا تعمل على إزالة الظاهرة”، وزاد: “أخذ الإنسان حقه بيده هو منطق لا يجوز، وربما يدفع هكذا حالات إلى البحث عن تخريجات للعلاقات الاجتماعية بين النساء والرجال، صيانة للحرية وأمن الناس”.
ظاهرة معزولة
سجل شراك أن مثل هذه الأحداث تبقى “ظاهرة معزولة وأسبابها الثقافية مرتبطة بطغيان التقليد وبتمثلات الحياة الاجتماعية بين الجنسين”، وأوضح أن المجتمع ينبغي أن يكون متسامحا “مادام الشخصان لم يحدثا ضجيجا أو صخبا أو انحرافا واضحا”.
وزاد المتحدث مبينا أن “بعض الأشخاص قد يتعمدون معاقبة هكذا أناس بسبب علاقات ليست هناك أي أدلة عليها”، مشيرا إلى أن “الدين فرض شروطا قوية جدا من أجل إثبات الشبهة والفعل بين الجنسين، سواء في الشارع العام أو عبر الخلوة”، كما عدَّ هذه الوقائع “ترسبات لتمثلات ذهنية متزمتة أو ربما متطرفة تحدث هذه التصرفات المتعارضة مع القانون والمجتمع”.
[ad_2]