[ad_1]
على وقع التفاؤل بقدرة الأفارقة على إعادة كتابة التاريخ العريق لقارتهم، أسدل الستار، مساء الجمعة، على أشغال الندوة التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، على مدى يومين، حول موضوع: “كتابة التاريخ الإفريقي.. الواقع، الإكراهات والتحديات”.
في الجلسة العلمية الختامية للندوة، أكد حسين سيد عبد الله مراد، أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الدراسات الإفريقية العليا- جامعة القاهرة، أن الأوان آن لإعادة كتابة تاريخ إفريقيا بالاعتماد على مصادر أخرى أكثر موثوقية، بعدما كان النزر القليل الذي دوّنه أبناء القارة يمتح من الرواية الشفهية، وهو ما جعله يجنح أحيانا نحو الوثوق بالروايات الأسطورية.
واقترح عبد الله مراد إعادة كتابة التاريخ الإفريقي استنادا على الحفائر الأثرية وشواهد القبور، معتبرا أن مشكلة كتابة التاريخ الإفريقي لا تتجلى فقط في قلة المصادر، “بل المشكل الأكبر هو أن المصادر الموجودة تحوي كمية هائلة من الأساطير والخرافات”.
قلة المصادر وابتعادها عن المنطق والواقع دفعا المؤرخ المعاصر إلى تولية وجهه نحو دراسة مخلفات الإنسان الأثرية، يردف أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، مبرزا أن الحفائر الأثرية وشهود القبور يصعب الطعن في قيمتها أو التشكيك في صحتها، بخلاف الروايات الشفهية.
ولفت إلى أن الحفائر الأثرية، فضلا عن كونها مصدرا موثوقا، تكشف أيضا النقاب عن الأحوال السياسية والاقتصادية التي سكتت عنها المصادر المدونة، غير أنه شدد على ضرورة أن تخضع هذه الحفائر الأثرية للنقد والفحص والدراسة قبل اعتمادها مصدرا من قبَل المؤرخين.
واستعرض المتحدث ذاته عددا من الحفائر الأثرية، التي قال إنه بناء عليها يستطيع المؤرخون تحديد بداية انتشار الإسلام في البلاد الإفريقية، إذ يُرجح أن يكون ذلك في الربع الأول من القرن الهجري الأول.
ومن بين الوثائق التي قدمها صورة لحفريات أثرية تعود إلى مسجد “نتساويني” بجزيرة مايوت بجزيرة القمر، وصورة تخطيطية لآثار المسجد الجامع ومصلى للعيدين المكتشف في موقع السوق بتادمكة جنوب الصحراء.
وأوضح أن شواهد القبور أيضا تعد مصدرا موثوقا للمؤرخين لكونها أعانت في معرفة الأسر التي حكمت البلاد الإفريقية قديما، مستعرضا شواهد من مقبرة أثرية بجزيرة دهلك بإريتيريا تفيد بأنها كانت تحت حكم السلطان مبارك المولى علي بن أحمد، رغم أن المصادر المتداولة لم تشر إلى وجود هذه الأسرة الحاكمة.
ولفت عبد الله مراد إلى أن شواهد القبور ساعدت أيضا على معرفة الحرف والصناعات المنتشرة في تلك الأزمان الغابرة، حيث يتم ذكر مهن الموتى على شواهد قبورهم، وهو ما يساعد أيضا، يردف المتحدث، على تحديد الطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها.
وأجمع المشاركون في ندوة “كتابة التاريخ الإفريقي.. الواقع، الإكراهات والتحديات” على ضرورة كتابة تاريخ القارة من طرف مؤرخيها، وتجاوز ما تم تدوينه في الخارج، وهو ما عبر عنه أوسوالد ماسيبو، أستاذ بجامعة دار السلام بتانزانيا، بقوله إن القارة الإفريقية مدعوة إلى إعادة كتابة تاريخها بعيدا عن التمثلات الغربية حول القارة.
وأوضح شاميل جابي، من جامعة كاب بجنوب إفريقيا، أن المدخل الذي ينبغي أن ينطلق منه المؤرخون الأفارقة لإعادة كتابة تاريخ قارتهم هو النبش في النصوص المدوّنة، وإعادة تسليط الضوء عليها، بحثا وتدقيقا، وطرح أسئلة جديدة تفضي إلى مقاربات جديدة بماضي القارة.
[ad_2]