[ad_1]
ببطائق تقنية ونماذج تطبيقية وشبكات للتقويم ومقترحات ديداكتيكية، يقدم كتابٌ جديد مداخل لتعزيز القراءة في المدرسة المغربية، وينبه إلى “الحاجة الماسّة لإعادة الاعتبار لدرس القراءة، وتعميق البحث في الفعل القرائي، بما يقود إلى تقويم علمي لواقع القراءة بالمغرب (…) ويمهّد السبيل لتأسيس وعي جديد وممارسة جديدة للقراءة”.
في كتاب “ديداكتيك القراءة – مداخل وإستراتيجيات”، الصادر عن “دار الثقافة للنشر والتوزيع” للباحث حميد الجراري، تسطيرٌ على أن تعزيز القراءة بالمدرسة “مطمح تعليمي وتربوي لن يتحقق إلا من خلال تفادي الإغراق في المقاربة الخارجية للنصوص، والقطع مع المقاربة الخطية للمقروء، وتخطّي الأساليب البيداغوجية التقليدية التي تراهن على التلقين المباشر والحفظ وتهميش المعلّم، والإعلاء من السلطة المعرفية للمدرس، وهضم حقوق المتعلم القرائية، واختزال الفعل القرائي في الإمساك بالمعنى الوحيد للنص الذي ينتظر من يستخرجه”.
وفي ظل “تراجع نسبة القراءة، وفي غمرة الثورة المعرفية التي اجتاحت العالم”، يتابع الكتاب: “كان على المدرسة المغربية أن تتحمل عبء تنمية الميول القرائية لدى المتعلمين، والعمل على تطوير قدراتهم ومهاراتهم القرائية حتى يواكبوا، في سرعة ودقة وفعالية، ما يُنشر من إنتاجات ومنشورات أدبية أو علمية”، علما أن “مهمة إنماء المهارات القرائية لدى المتعلم مهمة شاقة، تبدأ بانتقاء المقروء، وتنتهي بتحديث أدوات القراءة، واختيار ما يسعف منها في تناول الأعمال الأدبية تناولا عميقا ومنتِجا”.
ويذكّر الكتاب بعمق القراءة الذي تستمد منه أهميتها وحاجة العناية بها: “هي سيرورة ذهنية ومعرفية ومهارية ولغوية ومنهجية ونفسية واعية ومنظمة وهادفة، يقوم بها المتعلم/القارئ من أجل تطوير ذاته، وإشباع فضوله، وتنمية قدراته التعبيرية، وإنضاج ميولاته الفنية الجمالية، ومساعدته في حل المشكلات، وتمكينه من اكتساب روح المبادرة والابتكار والنقد، وبناء تمثلات جديدة وسليمة وذات معنى عن ذاته وعن العالم، وتمكينه من العدة المعرفية والمنهجية للتعامل الإيجابي والمنتِج مع النصوص المقروءة، المنحدِرة من أنماط وأجناس أدبية مختلفة، فهما وتفسيرا وتأويلا”.
ومن بين ما ينبّه إليه المؤلّف الجديد ضرورة أن تكون “عملية التطوير” شاملة؛ إذ “لا ينبغي أن تقتصر على جانب واحد من جوانب الكتاب المدرسي، مثل إضافة موضوعات محددة، أو حذف مضامين معينة، أو استخدام أنشطة دون غيرها، أو توظيف أسلوب من أساليب التقويم”، مع استمرار عملية التطوير والمواكبة لما يشهده العالم من “التغير والانفجار المعرفي والتكنولوجي، الذي يجعل من المعارف والمهارات القديمة متجاوزة”.
دراسة الجراري الموجهة إلى المدرّسين والطلبة والمتعلمين تقصد توفير “أرضية بيداغوجية وديداكتيكية وخلفية نظرية وتطبيقية تسعفهم في تحقيق وعي قرائي جديد يقود إلى تقويم التمثلات وتعديلها، والتأسيس لممارسة قرائية هادفة، تُفضي إلى إعادة الاعتبار إلى المتعلم بوصفه فعالية قرائية نشطة، قادرة على استثمار مكتسباتها وخبراتها في ضبط وتدبير وتقويم تعلماتها، وتسخيرها لتحقيق فهم سليم للنصوص وبنائها وإنتاجها، بما يتواءم مع ميولاتها واهتماماتها الفنية والجمالية”.
ومن بين ما يوصي به هذا العمل “الانتقال من النمط التعليمي – التعلّمي القائم على الطرائق التقليدية القائمة على التلقين المباشر والحفظ وتهميش المتعلّم، والإعلاء من السلطة المعرفية للمدرس، وجعله الصوت الوحيد الذي يسأل ويوجه ويخطط وينجز ويقوّم، دونما اعتبار لطبيعة المتعلم، أو لميولاته أو لإمكاناته العقلية والنفسية والمعرفية، إلى الطرائق الحديثة المتمركزة حول المتعلّم، والجاعلة منه الأسَّ الذي تتمحور حوله العملية التعليمية – التعلّمية”.
كما يقول الباحث ذاته إن أهمية هذه الطرائق الحديثة بالنسبة للمتعلّم تكمن في تغذية “دافعيّته للعلم، وتراعي مستواه المعرفي وعمره ونفسيته وثقافته، وتشركه في بناء التعلمات، وتنشطه، وتحسن طريقة تفكيره، وتزيد من وعيه بالمحتوى القرائي المدروس، وتكسبه إستراتيجيات تعلم القراءة الملائمة، التي تمكنه من التنظيم الذاتي لمعارفه، وتمنحه الأدوات التي بواسطتها يتخطى الصعوبات التعليمية – التعلّمية التي تعترضه”.
[ad_2]