هل تفلح المنظمات الحقوقية في حسم معركة الحريات الفردية بالمغرب؟

مجتمع

[ad_1]

مع اقتراب الشروع في تعديل القانون الجنائي ومدونة الأسرة، يشهد الترافع الذي تقوم به الجمعيات الحقوقية زخما كبيرا أملا في دفع المشرّع نحو توسيع هامش الحقوق والحريات الفردية.

وعلى المستوى الحكومي، يتضح أن هناك توجها لرفع منسوب الحريات الفردية في النصين القانونيين المذكورين، لا سيما من طرف القطاع الحكومي المعني بهما بشكل أكبر، وهو وزارة العدل.

وسبق لعبد اللطيف وهبي، الوزير المسؤول عن القطاع، أن عبّر، في تصريحات سابقة، عن مواقف تؤكد ميله إلى توسيع نطاق الحقوق والحريات الفردية، معتبرا أنها “لم تعد ترفا فكريا، كما يحاول البعض اختزاله؛ بل هي مصلحة وطنية وحاجة مجتمعية لا تتعارض مطلقا مع الدين”.

ويحاول وزير العدل “اختراق” صف “المحافظين” المعارضين للمضي قدما في توسيع هامش الحريات الفردية، حيث أقدم على تعيين محمد عبد الوهاب رفيقي، السلفي سابقا، مستشارا له.

وتشهد ساحة النقاش حول الحريات الفردية مواجهة سياسية بين عبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي ما زال مصرا على مواقفه الرافضة لجملة من القرارات التي يسعى وهبي إلى تمريرها، لا سيما ما يتعلق بالحريات الفردية وتجريم تزويج القاصرات.

وبينما لا يزال الصراع محتدما بين مؤيدي ومعارضي توسيع هامش الحريات الفردية الذين لديهم سلطة التشريع، تحاول الجمعيات الحقوقية أن تكون فاعلا محوريا. فهل تنجح في التأثير على قرار المشرّع؟

أحمد عصيد، رئيس “المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات”، قال إن الجمعيات الحقوقية المغربية “تمثل لوبي الضغط المدني من أجل الرقي بأوضاع المواطنين نحو الأفضل، وتبذل جهودا كبيرة على مستويات أربعة؛ أولها لفت الانتباه إلى الخروقات المرتكبة ضد الحقوق الأساسية، الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية”.

وتبذل الجمعيات الحقوقية جهودا، أردف عصيد في تصريح لانزي بريس، في “التذكير بالمطالب الكبرى المتمثلة في مراجعة الترسانة القانونية المغربية لتدارك ثغراتها وأشكال النقص التي أبان عنها اعتمادها حتى الآن”، و”الاتصال المباشر بالمسؤولين وبالمنتخبين في المؤسسة التشريعية لتوضيح المطالب والضغط من أجل تفعيلها، و”توعية المواطنين بأهمية الحقوق والحريات وضرورتها في التنمية والنهوض”.

وبالرغم من أن العمل الذي تقوم به الجمعيات الحقوقية يُثمر تأثيرا نسبيا على صانع القرار السياسي، حيث ساهم عملها في إجراء مراجعات متتالية للقوانين وتدارك الكثير من خروقات حقوق الإنسان، فإن تأثيرها، حسب عصيد، يبقى محدودا.

وأرجع رئيس “المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات” ذلك إلى “الدعاية الكبيرة التي تستهدف الحقوقيين ومنظومة حقوق الإنسان رغم إقرارها دستوريا في بلادنا، سواء من طرف الإعلام التابع للسلطة أو من طرف تيار الإسلام السياسي الذي يتحفظ على حقوق الإنسان وعلى فلسفتها التي تضع الإنسان في المركز”.

وتطالب الجمعيات الحقوقية ذات التوجه الحداثي بـ”إصلاح جذري” لمدونة الأسرة”. كما ترفع مطالب ذات حساسية في المجتمع، من قبيل المساواة في الإرث، وبإسقاط التجريم عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.

وتجد هذه المطالب “مساندا رسميا” ضمن المؤسسات التابعة للدولة، وهو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يشتغل على إعداد رأي حول الصيغة التي يريد أن تكون عليها النسخة المقبلة من المدونة.

ولفت أحمد عصيد إلى أن المنظمات الحقوقية تعمل، في المرحلة الحالية، على توضيح أعطاب مدونة الأسرة وكذا القانون الجنائي الذي يطرح موضوع الحريات الذي ما زال محل أخذ ورد بين التيارين الحداثي والمحافظ، معتبرا أن “تحولات الواقع المغربي يساعد كثيرا على الدفع في اتجاه مزيد من الحريات”.

واعتبر المتحدث ذاته أن فصول القانون الجنائي “لم تعد مواكبة لنظام العلاقات الاجتماعية، مما أدى إلى وجود هوة بين النص وسلوكات الناس، أي بين المعيار والقاعدة الأخلاقية والقانونية وبين الممارسات الفعلية”.

وأبرز أن هذه الوضعية جعلت المجتمع يتجاوز فصول القانون وقواعد القيم التقليدية، وهو ما وضع الدولة في وضعية محرجة؛ “لأنها قانونيا ملزمة بالتدخل في شؤون لا تخصها، بل تعود إلى اختيار الأفراد في حياتهم الخاصة”.

في المقابل، استبعد محمد معاذ الديوري، المنسق الوطني للمنتدى المغربي للباحثين الشباب، أن تكون لتحركات المنظمات الحقوقية تأثير كبير على توجهات صانع القرار السياسي، “ما دام أن المؤسسة الملكية هي الموكول إليها دستوريا صيانة الحقوق والحريات”.

وانطلاقا من كون الملك يمثل الحكم الأسمى بين مؤسسات الدولة، أردف المتحدث ذاته، في تصريح لانزي بريس، “فلا يمكن أن نتحدث عن شيء اسمه تطييب الخواطر أو إرضاء الفرقاء في مشاريع القوانين، سواء القانون الجنائي أو مدونة الأسرة أو غيرها من القوانين؛ وإنما الحديث عن المصلحة العامة أولا، والمصلحة العليا للوطن ثانيا، والعمل على التنزيل السليم والأمثل للنص الدستوري بعيدا عن المزايدات ثالثا”.

وأردف الباحث في الدراسات الإسلامية أن أي مشروع من المشاريع القانونية يكون قابلا للتداول وإبداء الرأي والرأي الآخر بشأنه، معتبرا “أن هذا الأمر صحي، لكن لن نكون أبدا بصدد الحديث عن أي ضغط على المشرع المغربي من لدن أية جهة لتبني ما يختلف مع التوجهات العامة للمؤسسات، أو ما يخالف مقتضيات دستور المملكة والتوجيهات الملكية والخطابات الملكية المؤطرة”.

وختم بالقول: “من خلال النص الدستوري، الذي ينص على أن “الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين”، فإن صيانة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين أفرادا ومجتمعا هو من صلب اهتمامات مؤسسات الدولة المغربية؛ وعلى رأسها المؤسسة الملكية التي تسهر، إلى جانب ذلك، على احترام التعهدات الدولية بما فيها الاتفاقيات التي وقع المغرب عليها بتحفظ أو بدونه”.

[ad_2]