هذه العنصرية الفرنسية المقيتة!

مقالات وأراء

[ad_1]

بقلم: اسماعيل الحلوتي

ليس وحدهم المتهورون من المسؤولين أو بعض المحسوبين على الإعلام المغربي من تخونهم أحيانا ألسنتهم، ويقعون في مطبات لا قبل لهم بها، بل هناك أيضا عدد من الإعلاميين في مختلف وسائل الإعلام الغربية، ممن لا يتورعون عن الإتيان ببعض الفظاعات أثناء قيامهم بعملهم، فيحدثون جدلا واسعا وردود فعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي وخارجها. كما هو الشأن مثلا بالنسبة للمنشط الإذاعي الفرنسي المدعو “جوليان كازار”، الذي أبى إلا أن يسيء بكل وقاحة إلى اللاعب الدولي المغربي وأحد أبرز نجوم نادي “باريس سان جيرمان” الفرنسي، المشهود له بدماثة الأخلاق وعلو كعبه في كرة القدم، واصفا إياه ب”كلب مبابي”.

ذلك أن هذا الإعلامي التافه اختار أثناء حديثه في برنامج رياضي على إذاعة “RMC” الفرنسية الهجوم عدة مرات على أشرف حكيمي، الذي كان يرافق زميله في ذات النادي الكروي المهاجم الشهير كيليان مبابي في رحلة قصيرة إلى نيويورك، مما خلف موجة من الاستياء والسخط العارمين في أوساط الجماهير المغربية وكذا الفرنسية وخاصة أنصار نادي النجوم الباريسي، رافضين مثل هذا التصرف الأرعن الذي يفتقد إلى أبسط قواعد اللباقة واللياقة، ومنددين بأسلوبه السمج والبعيد عن أدبيات العمل الصحافي الجاد والمسؤول، إذ أنه يضمر الكثير من الكراهية لنجوم الكرة وسواهم من أصول غير فرنسية.

وفي هذا السياق دعت عديد فعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الإعلام الفرنسي العنصري إلى الكف عن نفث سموم الحقد والكراهية ضد الرياضيين والطلبة المغاربة والمهاجرين، وطالبت المذيع العنصري بتقديم اعتذار رسمي إلى اللاعب حكيمي، كما طالبت أيضا إدارة الإذاعة المشغلة له بمعاقبته وتوقيفه عن العمل. فيما نادى آخرون بتحريك المتابعة القانونية في حقه بتهمة السب والقذف ونشر خطاب الكراهية والعنصرية، حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الغير، خاصة أن حكيمي تعرض للإساءة في أكثر من مناسبة من طرف بعض وسائل الإعلام الفرنسية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المعني بالأمر وبعد أن وجد نفسه محاصرا وسط حملة إعلامية واسعة من الاستنكار والشجب، وأمام ما يتعرض له من انتقادات حادة عما أقدم عليه من سلوك عنصري مقيت، سارع إلى محاولة تبرير ما بدر عنه من سخرية بخصوص علاقة الصداقة التي تجمع بين النجمين الكبيرين، مدعيا أن ما تلفظ به يندرج فقط في إطار “قالب هزلي”، وأن هدفه لم يكن الإساءة أو التقليل من شأن نجم المنتخب الوطني المغربي. وهو التبرير الواهي الذي لم يقنع أحدا. ناسيا أن الحض على الكراهية هو “أي نوع من الاتصال في الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية، مع الإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس هويتهم، وبعبارة أخرى على أساس دينهم أو عرقهم”

فالمؤسف أن العنصرية وخطاب الكراهية ما انفكا يتزايدان بشكل لافت في مختلف بلدان العالم، وخاصة منها تلك التي لا تتوقف عن التبجح بالديمقراطية، متجاهلة أن مثل هذه التصرفات المهينة من شأنها التمهيد لاتساع رقعة الصراعات والتوترات والتحريض على العنف وانتهاك حقوق الإنسان. حيث أن خطاب الكراهية لا يعد فقط إنكارا للقيم الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة، التي من بين أبرز مهامها تعزيز حقوق الإنسان ومكافحة كافة أشكال العنف والكراهية، بل يقوض كذلك المبادئ والأهداف الجوهرية لميثاق الأمم المتحدة، مثل احترام كرامة الإنسان والمساواة.

ولعل العنصري “جوليان كازار” ومن هم على شاكلته يجهلون أو يتجاهلون عمدا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن جميع البشر يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل فرد الحق في جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها، دون تمييز من أي نوع، ولاسيما بسبب العرق أو اللون أو الموطن الأصلي.

إذ فضلا عن قرار الجمعية العامة وإعلان الأمم المتحدة الصادر في 20 نونبر 1963 حول القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في سائر أنحاء العالم بكافة أشكاله ومظاهره، والحرص على تأمين فهم كرامة الإنسان واحترامها، حيث أنه لا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان. وأن القصد من عبارة “التمييز العنصري” الواردة في اتفاقية مكافحة التمييز في التعليم التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة سنة 1960 في المادة الأولى: هو أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة.

فإن الإسلام أوجب قبل عقود من الزمان تكريم الإنسان واحترامه قولا وفعلا، ونهى عن السخرية والاستهزاء والانتقاص من الآخرين. وأنه في إطار القضاء على العنصرية أقام “منهجه” على ضرورة بناء الوعي والتغيير الفكري والنفسي في نظرة الإنسان لأخيه الإنسان، حيث لم يكتف بالحديث عن المساواة، بل وضع تشريعات هامة في اتجاه صيانة الكرامة الإنسانية وحفظ حقوق الضعفاء. وفي ذلك قال تعالى في سورة الحجرات الآية 13: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.

[ad_2]