مركز للدراسات يبسط مقترحات لإنقاذ وتثمين المآثر التاريخية في مدينة تازة

اخبار وطنية

[ad_1]

نبسط أمام الأحبة، من غيورين ومهتمين وقراء ومبحرين، ورقة عمل أساسية باسم مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث، وفي إطار تجميع ملف مطلبي شامل، يقدمه الائتلاف المدني للدفاع عن مدينة تازة، يخص جميع الميادين الحيوية وأبرز القضايا التي تهم الساكنة، سواء من الوجهة الحقوقية أو في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وإشكالات التشغيل والبيئة والخدمات وحماية المستهلك، وانطلاقا من توجهه وطبيعة أنشطته، يقدم مركزنا هذه الورقة للرأي العام المحلي والوطني، باعتباره عضوا فاعلا في الائتلاف ذاته، راجيا أن يتم فتح النقاش الجدي البناء حول مستقبل حاضرة تازة، والسبل الكفيلة بتحريك عجلة التنمية توافقا مع تاريخها الفذ وماضيها المجيد.

– الإطار التاريخي لمعالم ومآثر تازة

تعد مدينة تازة من بين المدن الضاربة في عمق التاريخ على صعيد المغرب والشمال الإفريقي، إذ يتفق المصنفون والمؤرخون عموما على أنها من تأسيس زناتة، وبشكل أدق أحد فروعها، أي قبيلة مكناسة في الزمن القديم، وهناك من يذهب إلى القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي، الذي اتسم بتدهور دولة الأدارسة وقيام إمارات زناتة كمغراوة وبني فرن ومكناسة.

ونتيجة لحركات المد والجزر، التي عرفها تاريخ المنطقة، اختفت المدينة من الساحة غير ما مرة، ثم عادت إلى الظهور من جديد، خاصة خلال بواكير إنشاء الدول وانطلاق الحركات السياسية المختلفة، مثلما هو الحال بالنسبة لأدوارها خلال خواتيم حكم الإمارات والدول والممالك المتعددة، وبالنظر لطبيعة الموقع الجغرافي الذي ميز ممر تازة عبر مختلف العصور، فإن “الوظائف” التي سجلت في هذا المجال كانت عسكرية حربية بالأساس، طيلة مراحل التاريخ، مع تسجيل بعض الازدهار العلمي والعمراني خلال القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي، أي خلال صدر دولة بني مرين.

أفرزت مختلف المراحل التاريخية معالم وبصمات معينة، نسجل أن بعضها القليل ما زال قائما، فيما اندثر أكثرها منذ سنين بفعل عاديات الزمن وأيادي التخريب وما عرفه المغرب من فتن وحروب وزلازل وقلاقل، ابتداء من مختلف العصور الوسطى الإسلامية ومرورا بدولتي الموحدين والمرينيين خاصة، ثم السعديين فالعلويين.

يمكن التأكيد بأن العمران الديني هو الذي بقي على العموم صامدا بسبب طبيعته وقدسيته، يأتي بعده العمران العسكري فالمدني كالفنادق والدور والمدارس العتيقة والحمامات التقليدية.

– وضعية المآثر التاريخية

نتيجة تلك الوظائف التي ميزت تازة ومعها ممرها عن سائر حواضر ومناطق المملكة، اتخذت أغلب الدول التي حكمت المغرب تازة موقعا عسكريا محصنا من الوجهتين الطبيعية (عبر ثلاث جهات باستثناء الحيز الجنوبي) والاستراتيجية. لذا ساد نوع من العمران ذي الطبيعة العسكرية، إلى جانب الأنواع الأخرى. ويمكن حصر أبرز معالم تازة، التي تشكل جزءا أساسيا من رأسمالها المادي والرمزي، في ما يلي:

– العمران الدفاعي: يصنف عادة إلى عمران قديم وآخر حديث، فمن القديم يمكن أن نذكر الأسوار الأحادية والمزدوجة التي يصل امتدادها إلى ما يناهز 3 كيلومترات (بالضبط 2850 م) ويتراوح عرضها بين متر واحد ومتر و90 س، وعلوها من الداخل حوالي 3 أمتار. وتتخلل هذه الأسوار أبراج محصنة، بعضها يتصل بالأبواب الخارجية، كباب الجمعة وباب الريح وباب القبور، وبرج سرازين، ثم يضاف الخندق المعزز للأسوار الجنوبية، وأغلب هذه التحصينات توجد في وضعية متردية، باستثناء الواجهة الشرقية، بحكم اختراقها من قبل شارع 03 مارس الرابط بين تازة العليا والسفلى، وهي الواجهة التي تمت تهيئتها منذ أزيد من عشر سنوات، وأفرزت مشهدا مقبولا عمرانيا وجماليا.

أما العمران الدفاعي الحديث، فيختزل عادة في المعسكرات وساحة الرميChamps de Tire ، التي أنشأها الجيش الفرنسي بالمدينة والأحواز، ومجال الحديث عنها مختلف عما نحن بصدده.

يعد البستيون أو برج تازة السعدي Bastion من أبرز تلك المعالم العسكرية، وهو الموقع الشاهد على نوعية التحصينات عند السعديين وخلال نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وقد سبق أن كتبنا عنه مرارا وتكرارا، ويوجد هو الآخر في وضعية متلاشية متقادمة، كما زاد في الطين بلة إقامة صهريج غير قانوني بجانبه، مما هدده فعليا بالانهيار. وبفضل وقفات ونضالات المجتمع المدني تم إلغاء المشروع، على أن يقام الصهريج في رأس مجال بوحجار جنوب غرب تازة العتيقة.

– المجال الديني:

من دون شك، تأتي المساجد في طليعة هذا المجال، وهناك العديد منها في حاجة إلى ترميم وإصلاح، كمسجد سيدي عزوز وسيدي علي الدرار ومسجد الزاوية (بجانب ضريح سيدي بودروس) ومسجد سيدي بلفتوح، غير أن وضعية المسجد الأعظم حتمت أكثر من تدخل، ابتداء من مطلع الألفية الثالثة، وهو يخضع حاليا منذ حوالي سنتين لترميم شامل، نأمل أن يحافظ على خصائص المسجد ومحتوياته الأصلية، إلى جانب مظاهر التجديد الضرورية.

وعلاوة على المساجد، هناك الزوايا والأضرحة، وأكثرها يعاني من تفتت حيطانه وانهيار بعض أساساته، كالزاوية التيجانية بزنقة القلوع، والزاوية العيساوية بدرب مولاي عبد السلام، وزاوية مولاي الطيب، والزاوية الدرقاوية بباب الزيتونة، أما الأضرحة فوضعها أسوأ بكثير من الزوايا، حيث انهار مثلا نصف سقف ضريح سيدي محرز (هو في الأصل أحد صلحاء فجيج توفي بداية القرن السابع عشر) عند مدخل المدينة من جهة الغرب، وخلال سنوات مضت قام المدعو الزرهوني، وهو مقاول بناء، بتجديد وترميم الضريح إياه، ومنذ ذلك الوقت ترك لمصيره، بل إن بعض الأفاقين الأفارقة كانوا يتخذونه ملجأ لهم، مما أدى إلى تشويهه بفعل النيران والبقايا، التي كان يلقيها هؤلاء، مما أدى أيضا إلى انهيار سقفه في الأخير، وهناك أضرحة أخرى تحتاج الإصلاح والترميم من أجل تهيئتها في أفق تنشيط السياحة الصوفية أساسا، وهي ليست بديلا طبعا عن المساجد ودور العبادة الأخرى، ومن أبرزها أضرحة سيدي عبد الله وسيدي وضاح وسيدي أحمد بلحاج، فيما تم إغلاق أخرى كضريح سيدي عيسى، علما بأن عملية الإغلاق لا تشكل بديلا حقيقيا لوظائف مثل تلك الأماكن ودورها في الرأسمال الرمزي للشعب البسيط.

– المعالم المدنية:

نذكر هنا الفنادق العتيقة وعددها ثمانية (8) بتازة، وقد تحول أكثرها إلى مرافق تجارية، لا علاقة لها بأية أصالة أو معاصرة (….) وهناك الدور العتيقة وبعضها آيل للسقوط، كما يعاني البعض الآخر من تبعات الإرث الأسري ومقتضياته القانونية، بينما تحول عدد قليل منها إلى فضاءات حفلات وعروض، وعلاوة على هذين النمطين المعماريين، هناك الحمامات التقليدية التي يصل عددها إلى أربعة، وقد عرفت بعض الإصلاحات، وهي حمامات: قبة السوق وصب الماء وسوق اليهود والباشا، مع طرح السؤال حول موافقتها للمعايير العمرانية الأصيلة، ونفس الوضع تعيشه مدارس تازة التقليدية، مع تسجيل حالة الاستثناء التي تعيشها المدرسة الحسنية بالمشور، حيث تم تفويتها إلى إحدى جمعيات المديح والسماع، دون موجب قانون أو حق شرعي، علما بأنها مرفق عمومي تابع لوزارة الثقافة ومجلس الجماعة الحضرية لتازة.

يشار إلى أن تسقيف قبة السوق بتازة العتيقة يعد أمرا إيجابيا فعلا لولا بعض النقائص التي همت المشروع كمشكل الكهرباء وتسرب المياه وغيرها.

– طرق الإصلاح والتهيئة المقترحة:

أمام ما تشهده معالم وآثار مدينة تازة من تخريب وإتلاف وتدمير وتبخيس (متعمد أحيانا) نقترح في مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث ما يلي:

– تنقية الحيز الجنوبي للأسوار التاريخية المرينية ومنع رمي نفايات البناء والأزبال وإنزال أشد العقاب بكل من ساهم في تشويه المجال التاريخي.
– ترميم الأجزاء الغربية والجنوبية للأسوار المرينية المزدوجة ووضع سياج حول الخندق التاريخي بعد تهيئته وإزالة البقايا والأزبال، مع إمكانية تجهيز الفضاء المعني بالإنارة المناسبة وتحويله إلى منتزه أثري.

– إعادة الاعتبار للمنطقة الأركيولوجية غرب المدار الحضري العتيق، والواردة بوضوح في تصميم التهيئة وكذا تصميم الإنقاذ، والتي تعود إلى آلاف السنين بكهوفها وتجويفاتها وصخورها ولقاها، وبجانب السور المنسوب للموحدين. يذكر أن هذه المنطقة وقع طمرها، بشكل غير قانوني في عهد إحدى الولايات الجماعية، وأقيمت فوقها “سويقة” أسبوعية للخضر والفواكه دون أي مبرر مهما كان.

– تحويل الحيز الجنوبي والشرقي الواقع بجانب روضة العلامة علي بن بري والمساحة الغابوية المحيطة إلى منتزه عمومي، مع تخصيص مقاعد ومساحات خضراء وتهييء مقهى موافق لطبيعة المجال، الذي يغلب عليه الحيز التاريخي/ الغابوي بالأساس.

– استكمال تهيئة فضاء باب الجمعة التاريخي في حيزه العلوي أسوة بالمجال السفلي، الذي تمت تهيئته منذ سنوات.

– ترميم وتهيئة حصن تازة السعدي وإنقاذه من الاندثار، بتحويله إلى متحف إقليمي، يضم صورا وأدوات وأسلحة ومنتجات تقليدية تميز المنطقة، وإمكانية تجهيزه بالإنارة الملائمة، مع فتحه أمام الزوار الأجانب والمغاربة بحراسة خاصة، ومن ثمة إدماجه في المواقع المصنفة وطنيا ودوليا، ويعزز ذلك تحويله إلى متحف أثري: ثقافي وعسكري.

– تهيئة الساحة المجاورة والقصبة الواقعة جهة الغرب من البستيون السعدي وتجهيزها بالإنارة وتحويلها إلى ساحة عروض مسرحية وفنية، كما يمكن إعداد مقهى مناسب للفضاء ومجاور للساحة.

– إمكانية تحويل “قصبة تازة” أو جزء منها إلى قاعة للعروض التشكيلية والصور الفوتوغرافية.

– تحرير المدرسة الحسنية المرينية من التفويت الجائر الذي استهدفها، وإعادتها إلى وضعها القانوني والطبيعي كواحدة من معالم تازة التاريخية الهامة.

– تهيئة المدرسة الحسنية وتحويلها إلى فضاء عمومي للقراءة، أو متحف للمخطوطات والوثائق والكتابات حول تازة وإقليمها وأعلامها.

– إصلاح مدرسة المسجد الأعظم أو مأوى الطلبة، وإزالة التعميدات المشوهة للمجال وترميمها، ومن ثمة تحويل خزانة الجامع إليها، مع فتحها لعموم الباحثين والمهتمين.

– إصلاح وترميم الدور العتيقة والآيلة للسقوط وتحويلها إما إلى قاعات للعروض أو للمناسبات والاحتفالات.

– ترميم الفنادق التي ما زالت محافظة على طابعها التقليدي وتحويلها إلى فضاءات متحفية.

– تهيئة أزقة المدينة العتيقة واختيار لون موحد لها، ونقترح الأزرق السماوي إضافة إلى الأبيض غير الناصع، وتأثيثها بلوحات تشكيلية وأغراس مختلفة وملائمة لمجال تازة العتيقة.

– إصلاح وتثمين المقاهي العتيقة بتازة العليا.

– تحويل مدار سيدي محرز وما جاوره إلى منتزه عمومي، يشكل متنفسا حقيقيا لساكنة تازة، وتنقية واد الأربعاء من أشكال التلوث، وتجهيزه بالمقاعد والمقاهي الملائمة.

– تحويل مقر المحطة السككية القديمة إلى فضاء جمعوي (الائتلاف المدني للدفاع عن تازة).

[ad_2]