التعاطف مع الفنان سعد لمجرد يسكن مغاربة .. فوارق ثقافية ورمزية جماعية

فنون و إعلام

[ad_1]

أثارت محاكمة الفنان المغربي سعد لمجرد جدلا واسعا بين مؤيد لمتابعته وإدانته ورافض لذلك من باب التعاطف معه، وهو الموقف الذي رأى فيه نشطاء تناقضا مع حقوق الإنسان ومضامين القيم الدينية التي تجرم الاغتصاب.

حالة التعاطف هاته استثنائية ولا تشكل وجدان الشعب المغربي بشكل عام، حسب متابعين، كما أنها تعود إلى حالة نفسية تعيشها فئة من معجبي الفنان المتأثرين بأعماله الفنية، والذين يرفضون تقبل إقدامه على فعل جرمي، حسب متخصصين.

حميد كريم، الأخصائي النفساني وأستاذ علم النفس بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أوضح أن الاغتصاب في السجل الاجتماعي للمغاربة رهين بالاعتداء أو ربما الاختطاف والتهديد، بينما يعني في المجتمعات الغربية إقبال الرجل على المرأة بغية ممارسة الجنس معها، في حين تكون هي غير راغبة بذلك، رغم أن الظروف كاملة توحي بأن الجلسة جنسية رغم كونها اغتصابا، وقد يكون الأمر نفسه حتى بين المتزوجين.

وأبرز الأخصائي النفساني أن الثقافة العربية، التي تشكل جزءا كبيرا من ثقافة المغاربة، تعتبر أن كل امرأة قبلت بأن تنفرد برجل فهي تعبر بشكل مباشر عن رغبتها في ممارسة الجنس معه، وهذا ما تؤكده أغلب التعليقات التي تعاطفت مع الفنان سعد لمجرد في قضيته، حيث اعتبرت أن المشتكية لو لم تكن لديها رغبة في ممارسة الجنس معه لما قبلت بولوج الفندق معه، مع العلم أنه في المجتمعات الغربية يعتبر انفراد الرجل بالمرأة في أماكن خاصة سلوكا عاديا ومقبولا، والمجتمع مطبع معه.

وأضاف أن التعاطف مع الفنان المغربي لكونه شاب وابن المغرب مقبول، لكن لا يمكن التعاطف مع سلوكه غير المقبول.

وتابع قائلا: “قد نكون، للأسف، متأخرين في مجتمعنا نوعا ما في إدانة الاغتصاب واعتباره سلوكا معاديا للمجتمع بالشكل المطلوب، وما يؤكد هذا هو أننا نزوج الضحية للمغتصب، ونلخص بشكل كبير الضرر في الواقعة الجنسية، متناسين في ذلك كل الآثار السيكولوجية الناجمة عن الاغتصاب، حيث إن المجتمع يرى أن الضحية يجب أن ترتبط فقط بمن فض بكارتها ولا يهم كيف ستكون حياتها فيما بعد”.

وأشار إلى أن “تحميل المرأة مسؤولية تعرضها للتحرش أو الاغتصاب تفسير يغيب المنطق والحس الإنساني لكونه يجعل الرجل كائنا غير قادر على التحكم في رغباته الغريزية، الأمر الذي قد نجده عند بعض المضطربين نفسيا وليس عند الأفراد الأسوياء”.

أما فيما يخص تعاطي المغاربة مع مفهوم العدل، فيقول المتخصص ذاته إن “ذلك يرجع بدوره إلى كيفية إدراكنا للعدالة وبعض الخصائص النفسية كالنزعة لتحقيق الرغبات الشخصية، فكل ما يخدم مصالحي كشخص هو عادل، وهذه المعادلة قد تختلف بدرجات بين الأفراد، كل حسب مستواه الثقافي ووضعيته الاجتماعية”.

وتابع أن “ما يتحكم كذلك في إدراكنا للعدل والعدالة هو تجاربنا الشخصية كأحد المحددات الرئيسية لتفسيرنا وتعاطينا مع بعض القضايا، حيث إن التعاطف مع طرف دون آخر في قضية ما تتحكم فيه درجة معرفتنا بذلك الشخص”.

من جانبها أشارت لطيفة بوشوا، عن فدرالية رابطة حقوق النساء، إلى أن الأمر لا يتعلق بالوجدان المغربي، مبرزة أن تطور منطق ووعي المغاربة عموما أصبح ضد الاغتصاب وعدم التسامح معه، وهو ما شهدته الساحة المغربية في كثير من حوادث وجرائم الاغتصاب التي تقع ضد النساء والأطفال.

وأضافت أن المغاربة عبروا عن سخطهم ورفضهم وعدم تسامحهم مع جريمة الاغتصاب، وطالبوا بتطبيق القانون على اعتبار أن الجريمة وصمة عار تمس كرامة الضحايا وصحتهم الجنسية والجسدية والنفسية، وتبصم رمزيا وعمليا مستقبلهم ورؤيتهم لذواتهم، خصوصا إذا لم تتحقق العدالة والإنصاف وجبر الأضرار، وتخلف مآسي أسرية اجتماعية مكلفة على الأفراد والمجتمع برمته.

وبخصوص التعاطف الذي شهدته حالة سعد لمجرد، قالت بوشوا: “المفروض هو التمييز بين الجانب الفني والشهرة، وأثر ذلك على المعجبين والمعجبات، الذي يخلق تشبثا بتلك الشخصية العمومية ويرسم لها رمزية في المخيال الفردي وكذا الجماعي، والذي قد يصل إلى حد إنكار أثر الاغتصاب على الضحايا والمآسي التي يعمقها عدم تحقيق العدالة، بالإضافة إلى الدعوة إلى التسامح والتطبيع معه في بعض هذه الحالات، علما أن المنطق نفسه يدعو إلى عدم إفلات المعتدين من العقاب في ملفات أخرى”.

وأضافت المتحدثة نفسها: “الصدمة وعدم تقبل الحكم والاستعداد له قد تكون تبريرا لجزء من هذا التعاطف النابع من طغيان الصورة الرمزية للفنان في الوعي وفي المخيال على صورة مقترف الاغتصاب الذي يجب أن يحاسب على أفعاله”.

[ad_2]