ورقة بحثية تقارب إشكالية الدعم التربوي وداء “فقر التعلم” للتلاميذ بالمغرب

مجتمع

[ad_1]

قاربت “ورقة سياسات”، التي صدرت حديثا عن “مركز السياسات من أجل جنوب جديد” (PCNS) ، موضوع الدعم التربوي وتقوية التعلمات المدرسية بالمغرب، باعتباره “وسيلة لا غنى عنها في عملية استدراك التأخر أو النقص الذي قد يحصل في المسار الدراسي لبعض التلاميذ”.

الورقة المنشورة باللغة الفرنسية فيما يقارب 25 صفحة، تناولت بالدراسة والتحليل أحد أبرز “دعامات الإصلاح” المعتمدة تنزيلا لخارطة طريق إصلاح التعليم 2022-2026؛ ويتعلق الأمر بطريقة جديدة ومبتكرة للدعم المدرسي وفق مقاربة “Teaching at the Right Level”، المعروفة اختصاراً بـ “TaRL”، أي “التدريس وفق المستوى المناسب”.

وتزامنا مع ختام دراسي عرف تراجعا واضحا في نسبة النجاح بالبكالوريا- دورة يونيو، نُشرت الورقة، التي يقف خلف تأليفها ثلاثة باحثين رئيسيين بمركز السياسات سالف الذكر؛ هم عمر إيبورك وكريم العيناوي والطيب غازي، والتي جاءت تحت عنوان “TaRL Maroc: des débuts prometteurs pour un soutien scolaire “innovant. وتضمنت إشادة بما انخرطت فيه جهود وزارة التربية الوطنية من “اعتماد مقاربة تارل” هندية المنشأ، وسبل تعميمها على مختلف المدارس ومستويات التدريس بالمملكة.

“فقر التعلم.. مرض متعاظم بمدارس المغرب”

بهذه العبارة اختار مؤلفو الورقة البحثية عنونة المحور الأول، الذي تضمن “تشخيص واقع الحال” عن تقييم كفايات التلاميذ في مختلف مستويات التعليم.

واعتبر الباحثون أن الفقر في التعلمات أو النقص في ضبط الكفايات التربوية “ظاهرة تؤدي إلى العديد من الفوارق السوسيو- الاقتصادية، فضلا عن تعميق التفاوتات الترابية”، ضاربين المثال، في هذا الصدد، بأرقام تقييم “PISA-2018″، الذي كشف أن النسبة المئوية للتلاميذ الذين يعانون من “ضعف أداء القراءة” بلغت 86 بالمائة في المناطق القروية مقارنة بـ 66 بالمائة في المدن والحواضر.

وسجلت الدراسة أن “تحسين جودة التعلمات (ونوعيتها) يمثل، الآن، تحدياً رئيسيا للنظام التعليمي المغربي”، منبّهة إلى أن “المغرب يحتل المرتبة الأسوأ أداءً من حيث نوعية نتائج التعلم، وفق خلاصات أجمعت عليها العديد من التقييمات النوعية والكمية المجراة على تلاميذ مغاربة”.

“من الجوانب الأخرى للأداء الضعيف للمغرب في الاختبارات الدولية للتقييم المدرسي- التربوي يبرز الوزن الثقيل لما يسمى بـ”التلاميذ مُنخفِضي الأداء” (élèves dits peu performants)، الذين يُعتبرون في عداد “المعرَّضين للخطر بشكل خاص”، يضيف مؤلفو الورقة، لافتين الانتباه إلى أن “أهمية ووَزْن هذه الفئة يتضحان بالخصوص في كل من سلكيْ التعليم الابتدائي والثانوي (بشقيه الإعدادي والتأهيلي)، وفي مواد مختلفة التخصص”.

هذه الفئة تشكل في الواقع، وفق المصدر ذاته، “نسباً تتجاوز أكثر من 50 بالمائة بين أطفال المدارس في مواد القراءة والرياضيات والعلوم، كما هو موضح في أحدث التقييمات الصادرة سواء في Timss-2019 أو Pirls-2021.

وأشارت الورقة إلى أنه “في سياق ارتفاع معدل فقر التعلم (كما يتضح من متوسط درجات التنقيط التي حصل عليها التلاميذ المغاربة في مختلف التقييمات النوعية والكمية الوطنية والدولية، ولكن أيضا من خلال النسب الكبيرة من التلاميذ “ذوي الأداء الضعيف أو المعرضين للخطر”، فإن من شأن تحسين أداء التلاميذ المتواجدين في السُّلم الأدنى من المستويات أن يتيح تحسين المستويات الإجمالية للتعلم في أسرع وقت ممكن”.

“استدراك ثغرات التعلم”

واستعرض الباحثون ركيزتين تستند إليهما الاستراتيجية الرسمية للوزارة الوصية والمعمول بها حاليا. يتعلق الأمر، أولا، بـ”معالجة واستدراك فجوات التعلم والثغرات للسماح باللحاق بالركب بشكل فعال”.

أما الدعامة الثانية فهي أن “النظر جارٍ في إجراء إصلاح شامل لنظام التعليم بالمغرب يهدف إلى القضاء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات علاجية في المستقبل من خلال إحداث تغييرات معمقة ومستدامة”. وعلق الباحثون على هذا الأمر بأن “ذلك يطرح لوحده عددا من التساؤلات بشأن شروط معينة لنجاح الركيزة الأولى للإصلاح التربوي المأمول”.

من جهة أخرى، سلطت الورقة الضوء على بعض الالتزامات الواردة في خارطة الطريق 2022-2026 لـ”الشروع في نموذج جديد لتدبير محكم لإصلاح التعليم”، باسطة مجموعة من التوصيات والملاحظات.

توصيات وملاحظات

بخصوص عمليات الدعم التربوي، أكد الباحثون أن “تحديد الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، في فترات عمرية مبكرة، يعد عملية من الواجب أن تعطي صورة متكاملة عن الحاجيات لدى كل تلميذ”، مضيفين “يجب أن تستند الاختبارات التقييمية إلى معايير واضحة تقيس جميع أنواع الإعاقات والعوائق التي يواجهها التلاميذ ذوو الأداء المنخفض”.

كما شددوا على أهمية “التوجيه التربوي للتلاميذ نحو مسارات الدراسة التي تتوافق مع مهاراتهم، باعتباره تحديا كبيرا لتحسين جودة التعلم طيلة مسارهم التعليمي”. وفي هذا الصدد سجلوا “تعدد المسالك والتخصصات في البكالوريا بشكل لا يضمن وجود توافق مع المتطلبات الأكاديمية والمهنية”، موصين بـ”ضرورة وضع إطار للجودة لمُتمدرسي الثانوية من أجل توفير مسارات وظيفية/ مهنية جذابة ومتناغمة بالنسبة لهم”.

ولتلبية هذه الحاجة، اقترح الباحثون “إنشاء فصول دراسية خاصة لاستقبال فئة التلاميذ المتميزين ضمن مسارات لانتقاء الموهوبين طوال مسيرة التعليم الثانوي”.

كما دعوا إلى “إعادة تعريف نموذج المدارس الجماعاتية وتعديله لتلبية احتياجات التلاميذ في البوادي”، مع “مراعاة الاختلافات المجالية، وتحسين نوعية التعليم وخدمات الدعم الاجتماعي”، مؤكدين أن “هذه التدابير ضرورية لتعزيز تكافؤ الفرص وتحسين آفاق الشباب في القرى”.

ومن المقترحات التي تضمنتها الدراسة كذلك “تحسين استهداف المستفيدين من برامج “الدعم الاجتماعي” في التعليم باستخدام بيانات من السجل الاجتماعي الموحد لضمان جودة الدعم الاجتماعي”. كما “ينبغي، أيضا، وضع آلية لضمان الجودة، بما في ذلك تحديد المعايير المطلوبة وإسناد علامة الجودة إلى الجهات الفاعلة”.

[ad_2]