[ad_1]
احتضن المركز الإقليمي لمهن التربية والتكوين بمدينة قلعة السراغنة لقاء تربويا فكريا حول كتاب “سارليكسيا.. بوح شفيف” للكاتبة الباحثة والشاعرة فوزية رفيق الحيضوري، بمشاركة نخبة من الباحثين الأكاديميين وطلبة المركز ومثقفي وإعلاميي المدينة.
وانطلقت الندوة، التي نظمتها المؤسسة الإعلامية والمركز الإقليمي لمهن التربية والتكوين بالقلعة بتعاون وتنسيق مع جمعية الكوثر وتنسيقية الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ومركز عناية، بكلمة الدكتور عبد الرزاق مجدوب ركن فيها إلى ملامسة أهم جوانب إحفاز الفضاء العلمي التربوي بتجربة أساسية رائدة تنتمي إلى جيل الحوار والتشاور المفتوحين على المؤسسة التربوية، ومدارات ذلك في الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية، وتأسيساتها الضافية في بنى المعرفة والتفاعل الاتصالي بين مكونات المدرسة.
وأكد مجدوب أهمية اللقاء بالكاتبة فوزية رفيق، انطلاقا من تجربة تصنف في سياق الحديث عن “مراكز الاستماع” ذات الأولوية في تحصين إكراهات التعلم من شوائب الحياة ونظاماتها المختلة، مستدلا بقيمة المعلومات المبثوثة على طول خط الكتابة وامتلائها بما يجسد عمل الكاتبة المربية رفيق فوزية، وانتقالاتها المبدعة بين حالات التسريد ومضامينها الممزوجة بهوى الاقتدار ومهنية التوجيه.
وحول مسار “سارليكسيا..” البيداغوجي والمعرفي، تحدث الباحث والإعلامي الدكتور مصطفى غلمان عن مفهوم البيداغوجيا، القائم أساسا على نظريات تشكل ضمن ما تشكله معلومات مكتسبة واختيارات هي في الأول والأخير أنساق وعلامات تربوية موجهة لتحقيق طفرة العملية التعلمية في أسمى تجلياتها.
وأوضح غلمان أنه بالاستناد إلى المناهج البيداغوجية الحديثة، فإن واجهة أساسية في هذا التقييم تتأثر صراحة بعمق وتقاطع العلاقة المعرفية والسيكولوجية التي تجمع الأستاذ بالتلميذ، فيصير الرابط الذاتي الذي يضمن النهج السليم والفهم الجيد لهذه الفاعلية التبادلية عبارة عن حديقة إنسانية مفتوحة، تبادر إلى ضبط وإبراز القدرات الإدراكية للمتمدرس، في علاقته بالمجتمع والمحيط المؤسسي والأسري، وما تفرزه هذه العلاقات البينية خارج العملية إياها.
واستنتج الإعلامي غلمان أن تحقيق هذا الاندماج وإبداع بيئات تعليمية تعلمية مثالية هو بالأساس ما تقوم عليه نظرية “مراكز الاستماع”، مشيرا إلى مجموعة من النظريات الموازية التي شاكلت هذا النوع من الخطاب، خصوصا ما اعتبره روني اوبير في اقترابه من قيم الاستماع وانوجاده في النفس الدارسة وطريقة تصريفها في العملية التربوية، وكذا إدماج المتمدرسين التربوية في تفكير دوركايم، الذي يعتبر الحوار مع التلميذ تنمية داخلية تحفيزية مباشرة، بينما يجنح جان جاك روسو إلى ما يسميه بـ”انتقال الخطاب النظري إلى التطبيقي الميداني، معتبرا أن التوجه نحو خدمة الفرد والمتعلم بصفة عامة أكثر من الاهتمام بالخطاب النظري”.
من جانبه، استعرض الباحث الدكتور أخي السعيد أهداف الكتاب المسطرة وما بعدها، في مزج ذكي لعلاقة المكتوب بالمؤسس عليه، واستقصاء للتجربة التربوية، من حيث كونها تختزل وجها آخر من وجوه المعرفة والتعلمات الماثلة في المناهج والإواليات التربوية.
وأفرد الباحث السعيد وجوه هذه المعالم، من خلال إخضاعها لآليات وقياسات نظرية معلومة، حيث أفرد ضمن سياقاتها الفضلى جملة من البواعث القيمية والتربوية والنفسية التي أضاءت بعضا من هوامش التفكير والممارسة التربوية في كتاب “سارلسكسيا.. بوح شفيف” للكاتبة فوزية رفيق.
وقدم الباحث قراءة للكتاب التربوي باقترابية الباحث المدقق والمربي الممارس، حيث تتكامل فيها عملية تقريب الأساليب البيداغوجية للعملية التربوية (في نموذج مراكز الاستماع)، القراءة فككت باللغة البلاغية الصافية الراقية وبأسلوب ديداكتيكي نبيه، أوثاق الرؤى واستخلاصاتها في معالم تدبير الكتابة انطلاقا من مراكز الاستماع، كما كانت القراءة مثار استدرار لمجموعة من التفاعلات والعناصر المؤسسة للاستماع، كعلم إنساني تربوي مفصلي تتقاطع فيه الذات مع المجتمع والمدرسة مع المؤسسة الأسرية.
أما الباحث الأكاديمي الدكتور أحمد الوظيفي، فسبر الكتاب موضوع اللقاء انطلاقا من مبدئية تقاسم التجربة والمعرفة بها، في المجال التربوي والمدرسي، واضعا الخلاصات الأولى انطلاقا من القراءة التفاعلية التي أنتجتها مدارة المقارب.
واستنتج تعميم الفائدة وتداولها، وكذا ترادف التقاء المهنة النبيلة بكل إيجابياتها وإكراهاتها، ودوافع الاستمرار والسيرورة المعنية بالمقاربة، وأيضا تجربة التدوين والإنتاج المعرفي من داخل مجال الممارسة، بالإضافة إلى إحفازات توجيد هذه المعرفة على مستوى الأداءات البيداغوجية والديداكتيكية، ثم آليات تجديد هذه المعارف التي هي بحاجة لمواكبة واستحضار متواصل.
وقدم الدكتور الوظيفي لحظات واعية بسياقات المكتوب ونظر المؤلفة، حيث أبدع في تصنيف واستبصار هذه الممكنات التي تدور حولها مستهدفات العملية التعليمية التعلمية، واضعا بعين الاعتبار تجربة الكتابة عن واجبات تربوية هي في المحصلة إحدى ركائز الأبعاد البيداغوجية في التربية الصفية.
من جهتها، لامست المحتفى بها الباحثة رفيق فوزية الحيضوري جوانب إنسانية ونفسية في تجربتها “سارليكسيا.. بوح شفيف”، حيث الجدوى الأساسية عمق العلاقة الجامعة بين الأستاذة والتلامذة، بما هي انبثاق لتأسيسات نبعت من داخل الدرس الصفي، تراعي المقدرة على الإحساس بالآخر، والانتماء لقضاياه ولذاته.
وانفتحت الباحثة رفيق، في جوانب من هذه الطريق الطويل والشاق، على سرديات مأساوية تثير العديد من التساؤلات حول بنية المجتمع المدرسي وعلاقة ذلك بالعملية التربوية وبالانتماء لمؤسسة المدرسة.
[ad_2]