وفاة العديد بسبب الملاريا في جنوب الجزائر دون أي استجابة من الحكومة.
كالعادة، انتظر النظام الجزائري حتى تفشى وباء الملاريا والدفتيريا في جنوب البلاد، مما أدى إلى مئات الضحايا، ليبدأ في اتخاذ إجراءات. ورغم ورود تقارير عن أولى الوفيات الناجمة عن هذين المرضين شديدي العدوى منذ عدة أسابيع، إلا أن الحكومة تأخرت في الاستجابة.
المهووس فقط بإخراج مسرحياته المتعلقة بإرسال مساعداته إلى الساكنة المحتجزة لدى البوليساريو في مخيمات تندوف، إلى التحرك أمام حجم المأساة التي يعيشها سكان جنوب البلاد المتأثرين بوبائي الملاريا والدفتيريا. والحال أن المنتخبين والأطباء في هذه المناطق نبهوا السلطات قبل عدة أيام، فيما انتشرت على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي صور جثامين ومرضى ينامون على الأرض في ممرات «المستشفيات» المهترئة.
فبناء على تعليمات من الرئيس عبد المجيد تبون، أرسلت وزارة الصحة الجزائرية فريقا طبيا وأدوية إلى المناطق المنكوبة جنوب البلاد، وفق بيان للوزارة نشر يوم الجمعة الماضي.
وورد في البيان نفسه أنه «بأمر من رئيس الجمهورية ونظرا للظرف الراهن، انطلقت اليوم الجمعة لجنة طبية متكونة من طاقم طبي مؤهل. كما تم إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا ووسائل الحماية اللازمة إلى كل من تمنراست وإن قزام وبرج باجي مختار».
وفي الوقت الذي وعد فيه ببناء ثلاثة مستشفيات في غزة في 20 يوما، بدا عبد المجيد تبون شحيحا جدا عندما يتعلق الأمر بالجزائريين الذي يكابدون في جنوب البلاد، مكتفيا بإرسال الفتات لهم، وبعدما تجاهل المأساة التي يعيشونها منذ عدة أسابيع.
هذه الاختلالات الصحية، التي تتوالى بوتيرة محمومة في الجزائر، تتناقض مرة أخرى مع تصريح تبون الذي أعلن، في عام 2022، أن «المنظومة الصحية الجزائرية من أحسن المنظومات في إفريقيا». وتظهر هذه الاختلالات أيضا الازدراء الذي يتعامل به النظام الجزائري مع سكان جنوب البلاد الذين يعيشون مع ذلك في مناطق غنية بالثروات المعدنية.
والأمر المضحك هو أن وزارة الصحة تبحث عن المسؤولية عن هذا الوضع لدى جيرانها، موضحة أن 90% من هذه الأوبئة «وافدة من دول موبوءة» في إشارة إلى مالي والنيجر، في حين أن 10% فقط من الحالات تأتي من السكان المحليين. الأمر الذي كان يحتم عليها اتخاذ الإجراءات الوقائية ضده.
ولإعطاء مصداقية لهذا التفسير، تضيف وزارة الصحة، فإن «الجزائر حصلت، سنة 2019، على شهادة منظمة الصحة العالمية بأنها خالية من الملاريا». لكن في نهاية عام 2020، ضرب وباء الملاريا معظم أنحاء البلاد، بين تمنراست في أقصى الجنوب ومنطقتي غرداية وورقلة في الشمال.
ولا تبعد هاتان المنطقتان الأخيرتان سوى بضع مئات من الكيلومترات عن الجزائر العاصمة وتقعان على بعد آلاف الكيلومترات من المناطق الاستوائية وجنوب الصحراء، مما يدل على أن الملاريا لم يتم القضاء عليها نهائيا وليست وافدة على الجزائر. واعترفت الوزارة نفسها حينها بـ«تسجيل 2726 حالة إصابة بالملاريا أدت إلى ثلاث وفيات» بشمال الجزائر سنة 2020.
وتنتشر أمراض أخرى في الجزائر، إذ تفشى وباء الكوليرا في غشت 2019 في عدة مدن في شمال ووسط البلاد، لا سيما في الجزائر العاصمة والبليدة وتيبازة والبويرة والمدية وعين الدفلى، مما تسبب في العديد من الوفيات.
وبحسب معلومات متداولة على الإنترنت منذ يوم السبت، فإن النظام الجزائري فرض حجرا صحيا على كامل جنوب البلاد، وبأنه خلال الشهرين المقبلين لن يتمكن أحد من الولوج إلى ولايات جنوب الجزائر أو يغادرها باتجاه مناطق أخرى من البلاد.
وهذا على الأقل ما قررته وزارة الصحة الجزائرية يوم 28 شتنبر، بعد أن أدركت حجم الكارثة التي خلفتها الأوبئة، والتي أودت بحياة المئات في ولايات عين قزام وتمنراست وبرج باجي مختار. وقد تم إعلان هذه الولايات «مناطق منكوبة»