أمخاخ تتحدى الفخاخ

مقالات وأراء

لعلهم نزعوا الحياء من تربيتهم حينما تخيلوا أن الوطن بجلال قدره سيركع مرتجفاً لحماقات سياساتهم وهم في حيرة بعد سهرة أنهوها بأَرَق ، دَقَّ مسامره على أعصاب شاخت قبل الأوان تُعَجِّل أصحابها كي يُغَيِّبَهُم الغَرَق ، إذ أصبحوا بصنائعم كثقب حفرته سمكة الوعي في أعالي بحار الصبر أسفل زورق.
احتقروا صمت مظلومي هذا البلد ، فرقصوا كلما حلَّت الأعياد ، وأهمها عندهم رأس سنة الميلاد ، ليتحولوا قبل متم جرس هذا الزمان الرديء دقاته ألاثنتي عشرة من آخر ليل لآخر يوم في آخر شهر بمجونهم الزائد عن الحد ، تتطاير الأوراق المالية من بين أناملهم على رؤوس الراقصات داخل حانات يترنحون رفقة أباليسها في تحدي لمقدسات 99،99 في المائة من العباد ، على دين النبي سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد . محروسون بالمغلوبين على أمرهم وقد ضيعوا صلاة الفجر حتى لا يصيب أي مكروه سكارى ضيوف أوكار شيطان مارد، في دولة على رأسها إمارة المؤمنين، خادمة في الشرع أمة المسلمين، كحق من حقوق الإنسان واجب تقديم الخدمة عليه بالمجان، لارتباطه المباشر بتعاليم الرحمان، المُحاسب عليها بصرامة في الدنيا قبل الآخرة بالعدل المساوي بين كفتي الميزان.
وضعوا ضمائرهم في ثلاجة وانطلقوا من “طنجة” في رحلة تبشيرية لم تبق ملة إلا وسخرت منها كأن رواد العلمانية في أمريكا مجرد تلاميذ أمام هؤلاء الذين اصطف خلفهم المانحون الضوء الأخضر للإجهاز على كل ما هو جميل نبيل ضحى الشعب المغربي العظيم طيلة ستة عقود من أجل الحفاظ عليه كخصوصية الخصوصيات ، ولنا اليقين ، بما يحدث من أشياء يندى لها الجبين ، أنه سيقف هذه المرة وفي هذه الجهة الشمالية بعينها يفرض لمثل المسخرة أنسب حد ، ليس بالضوضاء أو المواجهة العشواء وإنما بطريقة يقرها العقل الذي جعل بسطاء يوقفون زحف أشرس حرب صليبية بزعامة “سان سبستيان ” ملك البرتغال ، ويلقنون أروع درس يُعَرِّفُ بمعدن المغاربة حينما توحدهم غاية شريفة كالقضاء على المنكر ، طبعاَ عَمَلَ مَنْ عَمِلَ (نحن نعرفه جيدا) على مسح مثل الذكريات من قاموس الاهتمام بكل ما يُطلع الناشئة على تاريخ أجدادهم العظماء، وبخاصة معركة “وادي المخازن” أكبر جوهرة زينت تاج مقاومة أهل “القصر الكبير”المستحقين الاحترام، والرعاية القصوى على الدوام ،لأسباب يطول شرحها ، ونحن لها فاعلون بمشيئة الله لو بقيت في العمر فجوة تسمح بكتابة مواضيع قد تغير نظرة المسؤولين الجذرية حول المدينة المجاهدة ويخصصون لها كحق تملكه من الثروات الوطنية المبدَّدَة (كما يتراءى) على أمور حصدت بها قِلَّة حاكمة ،ما زرعته كثرة هائمة، بآليات ظلت مُبهمة.
… ظلمنا السابق، حينما خاطَبَنا المنافق ، فصدقناه دون تدقيق ، لندخل بمحض إرادتنا للعذاب الغليظ بدل البقاء على ذكرى الألم الرقيق ، ونتحول من شبه أحرار إلى المحسوبين على الرِّق ، المشمولين بالعطالة وانعدام الرزق، الموصوفين بالجبن وتعطيل حاسة النطق ، البائعات النساء أمام أعيننا لحومهن الطرية لذئاب الحداثة وجنون الانطلاق، لمسح كل الفضائل من أمْخَاخ الرجال فينا بالمُطلق .
… عاقل رزين ينتظر نصيبه من فرج الأقدار، لم يتذمر بالرغم مما رأى ما لم يكن لها يتصور، حيف وتهميش وإقصاء مُجمَّعَة في قرار ، محسوم لميعاد لا يستحق عناء انتظار ، لطول امتداده كخط حلزوني المنطق في تواجده بنفس الشكل احتار، خلاف كل مسلك لهدف محدد سيَّار، مجرد فخ متآمر على سنة التطور الإيجابي مَنْ لشره حفر ، ليقع كل معارض لما تَمَّ من تحالف الخوف مع الصمت في مضايقة ظلم مضيف ظلام الليل على النهار، لتُعمى القلوب ويشمل العقاب الجائر الأبصار ، من أجل حذف المدينة العتيقة من خريطة الأمصار ، وإبعادها عن نماء بالتدرج الطبيعي قد يكبر ، و حرمانها من حجم الجور أن يتقمص ويصغر ، فيتأتَّى لها شأن الاختيار ، بإعادة كل حمار ، إلى مكانته في دوار، يليق بمستواه بدل الاعتلاء على أصحاب أكرم وأشرف دار، لها مع الإغريق حكايات وصدق أخبار ، تناقلتها الأجيال بما استحق التدوين في معظم أسفار ، رحلت مع النبغاء لتعليم التجلد والصبر والتغلب على أعتى قهر، من شمال المغرب إلى منبث أصل الصبَّار ، بين فجوات ووديان وروابي النضال المفضل المختار ، العائد بتضامن الأخيار استعدادا لاستيقاظ جديد لن يُبقي داخل المدينة العزيزة دجال في السياسة ولا في مجال الانتخابات سمسار .
لحكمة سمَّى السلف الصالح المدينة بالقصر الكبير ، وجعلوا منها ياقوتة تغتسل كل صباح بطيب عذب غدير ، يُذهِبُ عطش مَن أستقر بالمركز الحضري أو ما التف حوله من مداشير، مزهواً بما تنبت الأرض من أرزاق بلا نظير ، ذاع صيتها لتحج صوبها ورود الخدود من أثينا وروما ليتجمل اللقاح مُوَلِّداً حضارة الجدود ، المروية بعرق الكرامة واطمئنان السلامة لتستقل بأمتن علامة تؤكد للتأكيد أن البذور متجددة ستبقى إلى آخر دقيقة من عمر الوجود.
صامدةٌ وخادمة صمودها بما يجعل الصمود المنقذ الحقيقي مما حام حولها قاصداً تخريب ما بقي غير مُخرَّب فيها وهو “العقل القصريّ” الوازن المحترم من طرف مَن بحثَ الأسباب بالأسباب فاستخلص أن غير “ألقصري” من هول ما يتلقاه سراً في الغالب كالظاهر في أقل القليل لكان شعره قد شاب وهو في عِزِّ الشباب .
ربما يكون من الأفْيَدِ أن تضاف للحكومة وزارة تحمل اسم “القصر الكبير”مكلفة تَكُونُ على توزيع الاهتمام الحكومي على جميع المدن وفق برنامج معد تلقائيا من طرف الحكومة نفسها لا تنفيذا لمقترحات تتم بواسطة الهاتف دون ترك أي أثر عند تقويم القديم و الجديد المتراكم ليقول فيه ذات يوم كلمته هذا الشعب المغربي العظيم المصاب (مؤقتا) بما أصيبت به مدينة القصر الكبير